للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخرج آل الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة. قال ابن كثير في ذلك: «وأكرم آل الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة ... » (١).

تنبيه: لم يصح أن رأس الحسين - رضي الله عنه - حُمِل إلي يزيد بن معاوية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

«قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي يَذْكُرُونَ فِيهَا حَمْلَ رَأْسِ الْحُسَيْنِ إلَى يَزِيدَ وَنَكْتَهُ إيَّاهَا بِالْقَضِيبِ كَذَبُوا فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ إلَى ابْنِ زِيَادٍ ـ وَهُوَ الثَّابِتُ بِالْقِصَّةِ ـ فَلَمْ يُنْقَلْ بِإِسْنَادِ مَعْرُوفٍ أَنَّ الرَّأْسَ حُمِلَ إلَى قُدَّامِ يَزِيدَ.

وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ إلَّا إسْنَادًا مُنْقَطِعًا، قَدْ عَارَضَهُ مِنْ الرِّوَايَاتِ مَا هُوَأَثْبَتُ مِنْهُ وَأَظْهَرُ ـ نَقَلُوا فِيهَا أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ أَظْهَرَ التَّأَلُّمَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ أَهْلَ الْعِرَاقِ. لَقَدْ كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَتِهِمْ بِدُونِ هَذَا».

وَقَالَ فِي ابْنِ زِيَادٍ: «أَمَا إنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُسَيْنِ رَحِمٌ لَمَا قَتَلَهُ. وَأَنَّهُ ظَهَرَ فِي دَارِهِ النَّوْحُ لِمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ وَأَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَتَلَاقَى النِّسَاءُ تَبَاكَيْنَ وَأَنَّهُ خَيَّرَ ابْنَهُ عَلِيًّا بَيْنَ الْمُقَامِ عِنْدَهُ وَالسَّفَرِ إلَى الْمَدِينَةِ فَاخْتَارَ السَّفَرَ إلَى الْمَدِينَةِ. فَجَهَّزَهُ إلَى الْمَدِينَةِ جَهَازًا حَسَنًا.

فَهَذَا وَنَحْوَهُ مِمَّا نَقَلُوهُ بِالْأَسَانِيدِ الَّتِي هِيَ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ مِنْ ذَلِكَ الْإِسْنَادِ الْمُنْقَطِعِ الْمَجْهُولِ تُبَيِّنُ أَنَّ يَزِيدُ لَمْ يُظْهِرْ الرِّضَا بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَأَنَّهُ أَظْهَرَ الْأَلَمَ لِقَتْلِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ بِسَرِيرَتِهِ». (٢)

وقال شيخ الإسلام أيضًا: «الَّذِي ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّ الرَّأْسَ حُمِلَ إلَى قُدَّامِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زِيَادٍ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ بِحَضْرَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ».


(١) البداية والنهاية (٨/ ٢٣٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٧٩ - ٤٨٠)

<<  <   >  >>