للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن حزم: «فبويع الحسن ثم سلّم الأمر إلى معاوية، وفي بقايا الصحابة مَن هو أفضل منهما بلا خلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل، وكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية، ورأى إمامته» (١).

فالصحابة لم يبايعوا معاوية - رضي الله عنه - إلا وقد رأوا فيه شروط الإمامة متوفرة، ومنها العدالة، فمن يطعن في عدالة معاوية وإمامته فقد طعن في عدالة هؤلاء الصحابة جميعهم وخونّهم وتنقَّصَهم.

فمن رضيه هؤلاء لدينهم ودنياهم ألا نقبله ونرضى به نحن؟!! ومن قال: «لعلهم بايعوا خوفًا» فقد اتهمهم بالجبن وعدم الصدع بالحق، وهم القوم المعلوم من سيرتهم الشجاعة والشهامة وعدم الخوف في الله لومة لائم.

انتهاء عهد الخلافة الراشدة:

انتهى عهد الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بتنازل الحسن بن علي لمعاوية - رضي الله عنه -، فعن حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ثُمَّ سَكَتَ (٢).

وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «خِلاَفَةُ النُّبُوَّةِ ثَلاَثُونَ سَنَةً ثُمَّ يُؤْتِى اللهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ - أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ -». (رواه أبو داود وصححه الألباني).


(١) الفصل في الملل والنحل (٥/ ٦).
(٢) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني. (ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا) أي يعضّ بعضُ أهلِه بعضًا كعَضِّ الكلاب (فَيَكُونُ) أي الملك أي الأمر على هذا المنوال (فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا) أي تلك الحالة (إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ) أي الحكومة (مُلْكًا جَبْرِيَّةً) أي جبروتية (ثُمَّ سَكَتَ) أي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الكلام. (باختصار من مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لعلي القاري ح ٥٣٧٨).

<<  <   >  >>