للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ مَرَّ يَرْكُضُ حتَّى أَتَى بِئْرَ بَنِي خَطْمَةَ بِقُبَا فَرَمَى بِنَفْسِهِ فِيهَا؛ فَكَانَتْ قَبْرَهُ.

ثم قال الكُلَيْني (بدون إسناد):وَرُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الْحِمَارَ كَلَّمَ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ فَقَامَ إِلَيْهِ نُوحٌ فَمَسَحَ عَلَى كَفَلِهِ ثُمَّ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ هَذَا الْحِمَارِ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ وَخَاتَمُهُمْ»؛ «فَالْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي جَعَلَنِي ذَلِكَ الْحِمَارَ». (الكافي ١/ ٢٣٧)

(الكَفَلُ: العَجُزُ للإنسان والدابة، والعَجُزُ: مُؤَخَّرُ الشيءِ، وأَعْجاز الأُمور أَواخِرُها).

هذا الحديث الذي يرويه الكُلَيْني يرويه عفير بإسناد كله حمير؛ فعفير يروي عن أبيه عن جده عن جد أبيه، فكرَّم الله تبارك وتعالى عليًّا - رضي الله عنه - من أن يروي عن حمار عن آباءه، والعجيب في هذا الإسناد أنه في أعظم كتاب عند الشيعة.

أما من الناحية الحديثية فلهذا الحديث أكثر من علة!!!:

أولًا: الكُلَيْني صاحب كتاب (الكافي) المتوفى سنة ٣٢٩هـ بينه وبين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أجيال ومع ذلك يروي الحديث عنه بلا إسناد.

ثانيًا: الإسناد فيه مجاهيل؛ وذلك أن أولئك الحمير لا ندري هل هم ثِقات حفاظ أم لا؟!!! ولعل القارئ الكريم يبحث معنا في تراجم هؤلاء الحمير في كتاب (حياة الحيوان) للدميري أو كتاب (الحيوان) للجاحظ لعلنا نصل إلى شئ.

ثالثًا: أن هذا الحديث فيه متهم بالكذب وهو جد والد الحمار (عُفَيْرٌ) وذلك أنه قطعًا لم يدرك نوحًا - عليه السلام - وهو يدَّعي أن نوحًا مسح علَى كَفَله!!!؛ فبَيْنَ هذا الحمار ـ الذي كان في زمن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ـ بزعمهم ـ وجده الذي كان مع نوح في السفينة ثلاثة أجيال فقط، مع أنَّ بين نوح - عليه السلام - وبين نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ألوفًا من السنين.

فتأمل نتيجة الكذب علَى الله وعلَى رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.

رابعًا: كيف يقول الحمار لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي»؟!! ومن أبوه ومن أمه؟؟!! حتَّى يفدِّي بهما رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.إن هذا طعن في رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، بل وإسفاف وقلة أدب ممن ينسب إلى سيد الخلق - صلى الله عليه وآله وسلم - أنّ حمارًا يقول له «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي».

<<  <   >  >>