للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها تقييد ولا تخصيص، مع تكرارها، وإعادة تقررها فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها من العموم كقوله تعالى: {أََلّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَا * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلا مَا سَعَا} [النجم: ٣٨، ٣٩] وما أشبه ذلك، فما نحن بصدده من هذا القبيل، إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى وبحسب الأحوال المختلفة أن كل بدعة ضلالة وأن كل محدثة بدعة، وما كان نحو ذلك من العبارات الدالة على أن البدع مذمومة، ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية فيها، فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها.

والثالث: إجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم على ذمها كذلك وتقبيحها والهروب عنها، وعمن اتسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقف، فهوـ بحسب الاستقراء ـ إجماع ثابت، فدل على أن كل بدعة ليست بحق، بل هي من الباطل.

والرابع: أن متعقل البدعة يقتضي ذلك بنفسه؛ لأنه من باب مضادة الشرع واطراح الشرع، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح، وأن يكون منه ما يُمدح ومنه ما يُذم، إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع» (١).

* يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: « ... البدعة الحسنة ـ عند من يقسم البدع إلى حسنة وسيئة ـ لابد أن يستحبّها أحد من أهل العلم الذين يقتدى بهم، ويقوم دليل شرعي على استحبابها، وكذلك من يقول: البدعة الشرعية كلها مذمومة لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح: «كل بدعة ضلالة» (٢)، ويقول قول عمر في التراويح:


(١) الاعتصام (١/ ١٤٥، ١٤٦) بتصرف يسير.
(٢) رواه الإمام أبو داود (٤٦٠٧) وصححه الشيخ الألباني.

<<  <   >  >>