للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل)) (١).

والرافعي - بحق - سابق حلبة المقالة الأدبية، والصدر المُقَدَّم لمنشئي عصرنا وإن رغمت أنوف شُمَّخ - تُؤْبَن بالحيف - تريد أن تزحزحه عن الساحة لغرض أو لآخر!

وما قلناه واقع ما له من دافع، وحقيقة حينما أتذكرها تخطر بِخَلَدي عبارةُ الغزاليِّ الخالدة:

((لا أعرف مظلومًا تواطأ الناس على هضمه، ولا زهدوا في إنصافه، كالحقيقة))!.

ألا ليت شعري بأي وجه من دين أو خلق يستجيز منصف متجرد عن الهوى تقديمَ "عُوير"، أو "كُسير"، أو ثالثٍ " دِفْنَاس ما فيه خير"، أو رابعٍ "هِلْبَوث فَدْم"، أو خامس "فَقْفَاقَة رَذْل"، أو سادس "بين يديْ عَدْل" (٢) ... ؟!!


(١) يُروى هذا الكلام مرفوعًا إلى النبي (- صلى الله عليه وسلم -) ولا يصح من قول الرسول. راجع - إن شئت غير مأمور - "فيض القدير شرح الجامع الصغير" للعلامة المناوي شرح الحديث رَقْم (٢٦١٣) [(ج٣ص١٢) ط/ مكتبة مصر]، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" لمحدث الشام العلامة محمد ناصر الدين الألباني، الحديث (٣٢٢٧).
(٢) يُقال: فلان بين يديْ عدل: أي: هالك قد يُئِسَ منه، وهذه العبارة قد يستخدمها بعض علماء الجرح والتعديل من المحدثين في الراوي يكون ضعيفَ الحديث غيرَ ضابطٍ له ولا ثقة فيه، ويظن كثيرٌ من المبتدئين في هذا العلم الشريف أنها عبارة تعديل لا تجريح، ولا كذلك. قال العلامة ابن منظور (رحمه الله) في "لسان العرب" [(ج٦ص١٢٧) ط/ دار الحديث بالقاهرة] تبعًا للجوهري في "الصحاح" [(ص٧٤٣) ط/ دار الحديث] نقلاً عن ابن السكيت: ((وقولهم للشيء إذا يُئِسَ منه: "وُضِعَ على يَدَيْ عَدْل": هو العَدْلُ بنُ جَزْء بنِ سعدِ العشيرة، وكان وَلِيَ شُرَطَ تُبَّعٍ، فكان تُبَّعٌ إذا أراد قتلَ رجلٍ دفعه إليه، فقال الناس: وُضِعَ على يَدَيْ عدل، ثم قيل ذلك لكل شيء يُئِسَ منه)) انتهى. وهذه فائدة نفيسة، طالما غفل عنها كثيرون، فخذها شاكرًا الله (تعالى)، وكن منها على ذُِكر.

<<  <   >  >>