للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي هو كونه {مّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ} لا ترتّب له على ما قبله إلا مطلق الترتيب الذكري، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لّكُلّ شَىْء}، كما لا يخفى أن الترتيب فيه ذكري.

ومن أمثلة ذلك في كلام العرب قوله:

إن من ساد ثم ساد أبوه ... ... ... ثم قد ساد قبل ذلك جدّه] (١).

١٢٥ - من للعالم (٢).

[قد علمت أن وجه العبارة بمن التي هي للعالم، في قوله تعالى: {أَم مَّنْ خَلَقْنَا}، عن السماوات، والأرض، والكواكب، هو تغليب ما ذكر معها من العالم كالملائكة على غير العالم، وذلك أسلوب عربيّ معروف] (٣).

[١٢٦ - يطلق اللازب واللاتب واللازم، بمعنى واحد.]

[وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مّن طِينٍ لاَّزِبٍ}، اللازب: هو ما يلزق باليد مثلاً إذا لاقته، وعبارات المفسّرين فيه تدور حول ما ذكرنا، والعرب تطلق اللازب واللاتب واللازم، بمعنى واحد، ومنه في اللازب قول عليّ رضي اللَّه عنه:

تعلم فإن اللَّه زادك بسطة ... ... ... وأخلاق خير كلها لك لازب

وقول نابغة ذبيان:

ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده ... ... ... ولا يحسبون الشر ضربة لازب

فقوله: ضربة لازب، أي: شيئًا ملازمًا لا يفارق، ومنه في اللاتب قوله:

فإن يك هذا من نبيذ شربته ... ... ... فإني من شرب النبيذ لتائب

صداع وتوصيم العظام وفترة ... ... وغمّ مع الإشراق في الجوف لاتب] (٤).


(١) - (٦/ ٦٧٤ - ٦٧٥) (الصافات/ ١: ٥).
(٢) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز في مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع التغليب، وهو ترجيح أحد المغلوبين على الآخر، وانظر الإتقان (٣/ ١٢٢).
(٣) - (٦/ ٦٧٨) (الصافات/١١).
(٤) - (٦/ ٦٧٩) (الصافات/١١).

<<  <   >  >>