للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلام العرب. وجزم بذلك ابن جرير في بعض مواضعه في القرآن. وعليه فلا حاجة إلى التأويل المشار إليه بقوله في الخلاصة:

ولا يضاف اسم لما به اتحد ... ... ... معنى وأول موهماً إذا ورد

ومما يدل على ضعف التأويل المذكور قوله:

وإن يكونا مفردين فأضف ... ... ... حتما وإلا أتبع الذي ردف

لأن إيجاب إضافة العلم إلى اللقب مع اتحادهما في المعنى إن كانا مفردين المستلزم للتأويل، ومنع الإتباع الذي لا يحتاج إلى تأويل دليل على أن ذلك من أساليب اللغة العربية، ولو لم يكن من أساليبها لوجب تقديم ما لا يحتاج إلى تأويل على المحتاج إلى تأويل كما ترى. وعلى هذا الوجه من التفسير فالمعنى: فمحونا الآية التي هي الليل، وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة. أي جعلنا الليل مَمْحُو الضوء مطموسه، مظلماً لا تستبان فيه الأشياء كما لا يستبان ما في اللوح الممحو. وجعلنا النهار مبصراً. أي تبصر فيه الأشياء وتستبان.] (١).

٤ - كل ما علا الماء يسمى طافيًا.

[كل ما علا على وجه الماء ولم يرسب فيه تسميه العرب طافيًا. ومن ذلك قول عبد اللَّه بن رواحة رضي اللَّه عنه:

وأن العرش فوق الماء طاف (٢) ... ... وفوق العرش رب العالمين (٣)


(١) - (٣/ ٤٢١) (بني إسرائيل/١١)، وانظر أيضاً: (٣/ ٢٤١) (النحل/٣٠)، (٧/ ٨١٢) (الحديد/١٦)، (٧/ ٧٩٨) (الواقعة/٩٥ - ٩٦).
(٢) - أسند الطفو هنا إلى العرش؛ لأن الطفو ملابس للعرش فهو وصف له، وإطلاق القعل وشبهه إلى ما له به ملابسة، يسمى مجازاً عقلياً، كما زعموا في قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} (الزلزلة:٢)، لإسناد الإخراج إلى الأرض لتلبسه بها، وهذا عند القائلين بالمجاز أحد أنواع المجاز العقلي، وطرفاه حقيقيان. وانظر الإتقان للسيوطي (٣/ ١٠٩ - ١١٠).
(٣) - قال الحافظ الذهبي في " العلو " (ص/٤٩) (٨٣): [قال أبو عمر ابن عبد البر في كتاب " الاستيعاب ": روينا من وجوه صحاح أن عبد الله بن رواحة مشى ليلة إلى أمة له فنالها، فرأته امرأته، فلامته، فجحدها، فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن، فإن الجنب لا يقرأ القرآن فقال: ...
شهدت بأن وعد الله حق ... ... ... وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف ... ... ... وفوق العرش رب العالمينا
فقالت امرأته: صدق الله، وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن. قلت: روي من وجوه مرسلة، منها: يحيى بن أيوب المصري حدثنا عمارة بن غزية عن قدامة بن محمد بن إبراهيم الحاطبي، فذكره فهو منقطع]. والقصة ضعفها أيضاً الحافظ ابن حجر في "الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف". والنووي في المجموع فقال (٢/ ١٨٣): إسنادُ هذه القصةِ ضعيفٌ ومنقطعٌ. والشيخ الألباني - رحمه الله - في تخريج الطحاوية (ص/٢٨٢) (٣٠٦)، وحكم عليها بالنكارة الشيخ مشهور حسن في كتاب "قصص لا تثبت"، إلا أنه ذهب في تحقيق "الخلافيات" للبيهقي (٢/ ٣١ - ٣٨) إلى ثبوت الشِّعر الذي قاله عبد الله بن رواحة دون القصة المذكورة.

<<  <   >  >>