للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٤ - يطلق فعيل بمعنى مفعول (١).

[قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْءَايَاتِنَا عَجَبًا}. واختلف العلماء في المراد بـ {الرقيم} في هذه الآية على أقوال كثيرة ... وأظهر الأقوال عندي بحسب اللغة العربية وبعض آيات القرآن: أن الرقيم معناه: المرقوم، فهو فعيل بمعنى مفعول، من رقمت الكتاب إذا كتبته، ومنه قوله تعالى: {كِتَابٌ مَّرْقُومٌ}. سواء قلنا: إن الرقيم كتاب كان عندهم فيه شرعهم الذي تمسكوا به، أو لوح من ذهب كتبت فيه أسماؤهم وأنسابهم وقصتهم وسبب خروجهم، أو صخرة نقشت فيها أسماؤهم. والعلم عند الله تعالى.] (٢).

وقال أيضاً: [قوله تعالى في هذه الآية {عَذَابِ السَّعِيرِ} يعني عذاب النار، فالسعير النار أعاذنا الله، وإخواننا المسلمين منها. والظاهر أن أصل السعير: فعيل، بمعنى: مفعول من قول العرب: سعر النار، يسعرها كمنع يمنع إذا أوقدها، وكذلك سعرها بالتضعيف، وعلى لغة التضعيف والتخفيف القراءتان السبعيتان في قوله {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} فقد قرأه من السبعة نافع وابن عامر في رواية ابن ذكوان، وعاصم في رواية حفص: سعرت بتشديد العين وقرأه الباقون بتخفيف العين، ومما جرى من كلام العرب على نحو قراءة نافع، وابن ذكوان، وحفص قول بعض شعراء الحماسة:

قالت له عرسهُ يوماً لتُسْمعني ... ... مهلاً فإنَّ لنا في أمِّنا أربا

ولو رأتنيَ في نار مُسعَّرة ... ثم استطاعت لزادَت فوقْها حَطبا

إذ لا يخفى أن قوله: مسعرة: اسم مفعول سعرت بالتضعيف، وبما ذكرنا يظهر أن أصل السعير: فعيل بمعنى اسم المفعول: أي النار المسعرة: أي الموقدة إيقاداً شديداً لأنها بشدة الإيقاد يزداد حرها عياذاً بالله منها، ومن كل ما قرب إليها


(١) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز في مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع إطلاق فعيل، بمعنى مفعول، ومثل له السيوطي أيضاً بقوله تعالى: {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً} (الفرقان: ٥٥) وظهير معنى مظهور أي كفر الكافرين هين على الله تعالى، والله مستهين به؛ لأن كفره لا يضره، وانظر الإتقان (٣/ ١١٧) وتفسير القرطبي.
(٢) - (٤/ ٢١ - ٢٢) (الكهف/٧، ٨).

<<  <   >  >>