للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معروف، وهو أن يقال: ما وجه ذكر البكرة والعشي، مع أن الجنة ضياء دائم ولا دليل فيها. وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة: الجواب الثالث: أن العرب تعبر عن الدوام بالبكرة والعشي، والمساء والصباح، كما يقول الرجل: أنا عند فلان صباحاً ومساءً، وبكرة وعشياً. يريد الديمومة ولا يقصد الوقتين المعلومين.] (١).

٧٥ - يعبر بتحلة القسم عن القلة الشديدة وإن لم يكن هناك قسم أصلاً.

[قال الشنقيطي عند قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً}: قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن الآية ليس يتعين فيها قسم. لأنها لم تقترن بأداة من أدوات القسم، ولا قرينة واضحة دالة على القسم، ولم يتعين عطفها على القسم. والحكم بتقدير قسم في كتاب الله دون قرينة ظاهرة فيه زيادة على معنى كلام الله بغير دليل يجب الرجوع إليه، وحديث أبي هريرة المذكور المتفق عليه (٢) لا يتعين منه أن في الآية قسماً؛ لأن من أساليب اللغة العربية التعبير بتحلة القسم عن القلة الشديدة وإن لم يكن هناك قسم أصلاً، يقولون: ما فعلت كذا إلا تحلة القسم، يعنون إلا فعلاً قليلاً جداً قدر ما يحلل به الحالف قسمه، وهذا أسلوب معروف في كلام العرب، ومنه قول كعب بن زهير في وصف ناقته:

تخدي على يسرات وهي لاصقة ... ... ... ذوابل مسهن الأرض تحليل

يعني: أن قوائم ناقته لا تمس الأرض لشدة خفتها إلا قدر تحليل القسم، ومعلوم أنه لا يمين من ناقته أنها تمس الأرض حتى يكون ذلك المس تحليلاً لها كما ترى.] (٣).

[٧٦ - إطلاقات الأثاث.]

[الأثاث: متاع البيت. وقيل هو الجديد من الفرش. وغير الجديد منها يسمى «الخرثي» بضم الخاء وسكون الراء والثاء المثلثة بعدها ياء مشددة. وأنشد لهذا التفصيل الحسن بن علي الطُّوسي قول الشاعر:


(١) - (٤/ ٣٦٧) (مريم/٦٢).
(٢) - عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموت لمسلم ثلاثة من الولدِ فيلج النار إلا تحلة القسم».
(٣) - (٤/ ٣٨٢) (مريم/٧٠، ٧١).

<<  <   >  >>