للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أنه يستحب التيمم بدلا عن الأغسال المستحبة السابقة عند الحاجة كعدم الماء، أو لتعذر الوصول إليه كأن يحول بينك وبين الماء عدو، أو سبع، أو لعدم وجود آلة استخراجه من البئر مثلا (١).

والراجح أنه لا يشرع له التيمم في هذه الحالة.

قال موفق الدين في "المغني" (٣/ ٢٥٧): (فإن لم يجد ماء، لم يسن له التيمم. وقال القاضي: يتيمم؛ لأنه غسل مشروع، فناب عنه التيمم، كالواجب. ولنا، أنه غسل مسنون، فلم يستحب التيمم عند عدمه، كغسل الجمعة، وما ذكره منتقض بغسل الجمعة ونحوه من الأغسال المسنونة، والفرق بين الواجب والمسنون، أن الواجب يراد لإباحة الصلاة، والتيمم يقوم مقامه في ذلك، والمسنون يراد للتنظيف وقطع الرائحة، والتيمم لا يحصل هذا، بل يزيد شعثا وتغييرا، ولذلك افترقا في الطهارة الصغرى، فلم يشرع تجديد التيمم، ولا تكرار المسح به).

[مسألة - يتيمم لما يسن له الوضوء إن تعذر.]

والمقصود أنه يستحب التيمم لما يسن له الوضوء كقراءة القرآن والذكر عند تعذر الوضوء كالمريض والجريح والعاجز عن أن يمس الماء بشرته (٢).

قال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ٢٥٢): (يتيمم لما يستحب الوضوء له لعذر، على الصحيح من المذهب. وظاهر ما قدمه في الرعاية: أنه لا يتيمم لغير عذر. قال في الفروع: وتيممه عليه أفضل الصلاة والسلام يحتمل عدم الماء. قال: ويتوجه احتمال في رده السلام عليه أفضل الصلاة والسلام، لئلا يفوت المقصود، وهو رده على الفور. وجوز المجد وغيره: التيمم لما يستحب له الوضوء مطلقا؛ لأنها مستحبة، فخف أمرها) والراجح وهو القول الصحيح في المذهب أن التيمم هنا كان لعذر.

ودليل المسألة ما رواه الشيخان عن أبي الجُهَيْمِ الأنصاري رضي الله عنه قال: «أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد


(١) انظر نيل المآرب (١/ ١٨).
(٢) المرجع السابق نفس الموضع.

<<  <   >  >>