للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقوى والمروءة، بمعنى أنه لكي يصح وصف صاحب هذه الملكة بالعدالة فلابد من أن تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة، فإن اختل هذا الحمل فقد اختل وجود العدالة، وعلى قدر هذا الاختلال يكون الاختلال في الوصف بالعدالة، والمقصود هنا بيان العدالة التامة المطلقة التي هي شرط الصحة لا مطلق الاتصاف، ومن هنا يظهر وجه اعتراض الصنعاني، بالإضافة إلى ما ذكره من عدم وجود علاقة بين المعنى اللغوي للعدالة وتفسيرها بهذه الملكة؛ وعليه فإني أتوقف في قبول هذا التعقب على اعتراض الصنعاني. ...

[الاعتراض الثالث: قبولهم رواية فاسق التصريح:]

قال الصنعاني (ص/٩٥: ١٠٢): [الإشكال عليهم في قبول رواية الرافضي الساب للصحابة والناصبي الساب لعلي رضي الله عنه مع عدهم السب للصحابة من الكبائر كما صرح به في جمع الجوامع وفي الفصول فإذا قبلوا فاعل الكبيرة وليس إلا لظن صدقه مع أن مرتكب الكبيرة فاسق تصريح لا تأويل، وقد سبق في تفسير العدالة أنه لا بد من السلامة منه وقد نقل الإجماع على عدم قبول قول فاسق التصريح كما في الفصول وغيره واستدل له صاحب الفصول بقوله تعالى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) الآية، وأصاب في الاستدلال بها على ذلك لأنها نزلت في الوليد بن عقبة كما تطابق عليه أئمة التفسير وهو فاسق تصريح بشربه الخمر كما في صحيح مسلم، وذكره بشرب الخمر ابن عبد البر والذهبي ... وإذا تتبعت ما سلف علمت أن الآية دلت على أنه يتوقف في خبر الفاسق تصريحا لا يرد بل يقتضي البحث عما أخبر به لا رد خبره (١).

فإن قلت قد وقع الإجماع على عدم قبول خبره ورده فيكف نافى الإجماع الآية قلت لا نسلم الإجماع كيف وهؤلاء أئمة الحديث رووا عن فساق التصريح الذين يسبون الشيخين ويسبون عليا وغيرهم وحينئذ فلا بد من تخصيص الكبائر في رسم العدالة بما عدا سب المسلم.


(١) والآية تدل على جواز قبول خبره إن تبين صدقه، ورده إن كان كاذبا، فلا تعارض بينها وبين اختيار أن مدار العدالة على مظنة الصدق وعدم الكذب.

<<  <   >  >>