للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعقد الشافعي في ((الرسالة)) باباً محكماً لوجوب العمل بخبر الواحد، وخبر الواحد عندهم هو: ما لم يبلغ درجة المشهور سواء رواه شخص واحد أو أكثر. ورأيت في بعض تصانيف الجاحظ أحد المعتزلة أن الخبر لا يصح عندهم إلا إن رواه أربعة. وعن أبي علي الجبائي أحد المعتزلة ـ أيضاً ـ فيما حكاه أبو الحسين البصري في المعتمد ((أن الخبر لا يقبل إذا رواه العدل الواحد إلا إذا انضم إليه خبر عدل آخر. أو عضده موافقة ظاهر الكتاب، أو ظاهر خبر آخر. أو يكون منتشراً بين الصحابة، أو عمل به بعضهم)).

وأطلق الأستاذ أبو منصور التميمي عنه أنه اشترط الاثنين عن الاثنين والحق عنه التفصيل الذي حكيناه.

واحتج على ذلك:

١ - بقصة ذي اليدين وكون النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ توقف في خبره حتى تابعه أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ وغيرهما.

٢ - وقصة أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ حين توقف في حديث المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ في ميراث الجدة حتى تابعه محمد بن مسلمة.

٣ - وقصة عمر ـ رضي الله عنه ـ في توقفه في حديث أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ في الاستئذان حتى تابعه أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ وغير ذلك.

٤ - وقول على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ((كنت إذا حدثني رجل استحلفته فإن حلف لي صدقته)).

والجواب: عن ذلك كله واضح.

أما قصة ذي اليدين: فإن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إنما توقف فيه للريبة الظاهرة، لأنه أخبر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عن فعل نفسه وكان ثم جماعة من أكابر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ولم يذكره أحد منهم سواء، فكان موجب التوقف قوياً. وقد قبل خبر غيره على انفراده عند انتفاء الريبة في جملة من الوقائع.

وأما قصة المغيرة ـ رضي الله عنه ـ فإن أبا بكر الصديق ـ رضي الله

<<  <   >  >>