للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدعته لأن هذا ليس له علاقة في الحكم على الراوي من حيث الثقة وعدمها.

تلك الثقة التي تدعونا لقبول الإسناد وعدم رده. ولذلك أهل العلم وثقوا كثيراً من الرواة ممن وصف ببدعة وقبلوهم في مجال الرواية وصححوا أحاديثهم.

مثال ذلك: محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله، قال في صحيحه: " حدثنا عباد بن يعقوب الرواجني الثقة في حديثه، المتهم في دينه (١) " ففرق ما بين توثيقه في حديثه وما بين اعتقاده فقال: " المتهم في دينه " وذلك أنه متهم بالتشيع، ففي الحقيقة أن البدعة لا يرد بها الخبر مطلقاً على القول الصحيح، سواءً كان هذا الراوي روى فيما يؤيد بدعته أو فيما لا يؤيد بدعته. وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال (٢):

القول الأول: رد رواية المبتدع مطلقاً. وأن الراوي المبتدع لا يقبل في مجال الرواية، وبالتالي لا يصح خبره ولا يقبل.

وهذا القول يذهب إليه أحياناً " أبو حاتم بن حبان البستي " صاحب الصحيح وهناك أمثلة على تضعيفه لبعض الرواة الثقات من أجل بدعتهم. فمثلاً أنه ضعف " حريز بن عثمان الرحبي" وهو ثقة ثبت وإنما الذي دعاه إلى تضعيفه، هو ما يتعلق ببدعته ألا وهى بدعة النصب، فلذلك ذهب إلى تضعيفه مع أنه ثقة ثبت وممن يذهب إلى ذلك أبو إسحاق إبراهيم ابن يعقوب الجوزجاني وخاصة فيمن وصف بالتشيع، فكان يرد حديث من هو موصوف بذلك. إلا نفراً من الرواة ممن اشتهروا بالحفظ والضبط كأبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وسليمان بن مهران الأعمش مع أنه حاول أن يرد أحاديثهم، ثم قبلهم.


(١) - ولفظ ابن خزيمة: (المتهم في رأيه الثقة في حديثه).
(٢) - وقد وصل بها أبو بكر كافي قي رسالته منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها (من خلال الجامع الصحيح) والتي أعدها لنيل درجة الماجستير، من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة الجزائر، والتي طبعت بدار ابن حزم إلى خمسة أقوال، وزاد: تقبل رواية المبتدع إذا كان مرويه مما يشتمل على ما ترد به بدعته، وذلك لبعده حينئذ عن تهمة الكذب 'تقبل روايته إذا كانت بدعته صغرى، وإذا كانت كبرى فلا تقبل. ولعل الله عزوجل يمن بعرض أدلة هذه الأقوال بأوسع من ذلك عند محله من الموقظة.

<<  <   >  >>