للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦) يأخذ (١). ومع هذا كله لم ير الإمام البخاري ذلك قادحاً في عدالته فقد روى له في "صحيحه ". وكذا روى له أصحاب السنن.

الربط بين العدالة والمروءة والكذب:

بعد مناقشة شروط العدالة والكلام على المروءة يتأكد عندما مبدأ أن هذه الشروط التي تكلمنا عنها لإنها هي لحدوث ثقة واطمئنان في النفس لصدق الراوي، وأن إرتكاب بعض الكبائر كسب الصحابة والبدعة لا يقدح في هذا التلازم ولا يمنع من ترجيح جانب صدقهم وقبول روايتهم.

قال موفق الدين في "المغني" (١٠/ ١٤٩): (وقد روى أبو مسعود البدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:» إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت «. يعني من لم يستح صنع ما شاء. ولأن المروءة تمنع الكذب، وتزجر عنه، ولهذا يمتنع منه ذو المروءة وإن لم يكن ذا دين. وقد روي عن أبي سفيان، أنه حين سأله قيصر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفته فقال: والله لولا أني كرهت أن يؤثر عني الكذب، لكذبته. ولم يكن يومئذ ذا دين. ولأن الكذب دناءة، والمروءة تمنع من الدناءة. وإذا كانت المروءة مانعة من الكذب، اعتبرت في العدالة كالدِّين).

قال الآمدي في "إحكام الأحكام" (٢/ ٧٧): (وأما بعض الصغائر فما يدل فعله على نقض الدين، وعدم الترفع عن الكذب وذلك كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة، واشتراط أخذ الأجرة على إسماع الحديث ونحوه. وأما بعض المباحات فيما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق والبول في الشوارع وصحبة الأراذل، والإفراط في المزح. ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله).

قال الشيخ مشهور في "المروءة" (ص/٢٨٩): (المروءة تمنع من الكذب


(١) فتح المغيث: ج٣ ص٣٧٩.

<<  <   >  >>