للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: [الفرق بين الإتقان والإحكام: أن إتقان الشيء إصلاحه وأصله من التقن وهو التَّرنُوق (١) الذي يكون في المسيل أو البئر وهو الطين المختلط بالحمأة يؤخذ فيصلح به التأسيس وغيره فيسد خلله ويصلحه فيقال أتقنه إذا طلاه بالتقن ثم استعمل فيما يصح معرفته فيقال أتقنت كذا أي عرفته صحيحا كأنه لم يدع فيه خللا، والإحكام إيجاد الفعل محكما ولهذا قال الله تعالى " كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُه " أي خلقت محكمة (٢) ولم يقل أتقنت لأنها لم تخلق وبها خلل ثم سد خللها. وحكى بعضهم أتقنت الباب إذا أصلحته قال أبو هلال رحمه الله تعالى: ولا يقال أحكمته إلا إذا ابتدأته محكما.]

ومن تمام حفظ الراوي أنه يؤدي الحديث كما سمعه؛ وعليه فكان الأنسب للإمام الذهبي التعبير بلفظ: مُحْكِم، بدلاً من: متقن، أو يعبر بلفظ ضابط كما استخدمه حيث قال: [فالمجُمْعُ على صِحَّتِه إذاً: المتصلُ السالمُ من الشذوذِ والعِلَّة، وأنْ يكون رُواتُه ذوي ضَبْطٍ وعدالةٍ وعدمِ تدليس].

والتعبير بالأخير المشهور المتداول هو الأولى، وضبط الشيء شدة الحفظ له لئلا يفلت منه شئ، وهو بمعنى الإتقان هنا.

[المسألة الثالثة: الكلام على الضبط:]

[١ - تعريف الضبط:]

[أ - تعريفه لغة:]

قال المناوي في التعاريف (١/ ٤٦٩): [الضبط لغة الحزم وعرفا سماع الكلام كما يحق سماعه ثم فهم معناه الذي أريد به ثم حفظه ببذل المجهود وهو الثبات عليه بمذاكرته إلى حين أدائه إلى غيره كذا ذكره ابن الكمال وفي المصباح


(١) - أي الطين الذي يرسب في مسايل المياه.
(٢) - معتقد أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله، تكلم به حقيقة كما شاء، غير مخلوق ولا مربوب، منه سبحانه وتعالى خرج وإليه يعود، وللرد على الجهمية القائلين بأن القرآن مخلوق مجال ليس هذا محله، وانظر المجلد الثاني عشر من فتاوى تقي الدين ابن تيمية - رحمه الله -.

<<  <   >  >>