للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقال في حقه ما قال المصنف آخرا) والأقرب أن نعتمد ما قاله عنه ابن الصلاح أولا من التفرقة بين الإطلاق والتقييد فإنه لا تلازم بين الإسناد والمتن إذ قد يصح السند أو يحسن لاستجماع شرائطهما ولا يصح المتن لشذوذ أو علة وقد لا يصح السند ويصح المتن من طريق أخرى، ويؤيد ذلك أيضا أننا خالفنا ابن الصلاح واعتبرنا أن العلة في الحديث هي الأصل.

قال طاهر الجزائري في توجيه النظر (١/ ٥٠٩) موضحاً للقول الأول الذي ذكره ابن الصلاح: [وقال بعض العلماء الذي لا يشك فيه أن الإمام منهم لا يعدل عن قوله صحيح إلى قوله صحيح الإسناد إلا لأمر ما وعلى كل حال فالتقييد بالإسناد ليس صريحا في صحة المتن أو ضعفه ويشهد لعدم التلازم ما رواه النسائي من حديث أبي بكر بن خلاد عن محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة تسحروا فإن في السحور بركة قال هذا حديث منكر وإسناده حسن وقد أورد الحاكم في مستدركه غير حدث يحكم على إسناده بالصحة وعلى المتن بالوهاء لعلته أو شذوذه وقد فعل نحو لك كثير من المتقدمين وممن فعل ذلك من المتأخرين الحافظ المزي فإنه تكرر منه الحكم بصلاحية الإسناد ونكارة المتن].

قوله: (هو ما دَارَ) أي ما يكون رواته في جميع الطبقات على ما وصف من العدالة والإتقان. وفي استعماله لهذه الكلمة نكتة لطيفة وهي أنه بذلك يبين شرطه في الصحيح وهو: ألا يوجد من بين رواته من ليس على ما وصف، وإيضاحه أن قوله دار من قولهم: (دَارَتِ) المسألة أي كلما تعلقت بمحلّ توقف ثبوت الحكم على غيره فينقل إليه ثم يتوقف على الأول وهكذا (١)، فلو انخرم تحقق الشرط في أحد الرواة لانقطع الدور.

وهناك نكتة أخرى من استعماله هذا اللفظ، وهي ما في هذا اللفظ من إشعار بالاتصال على النحو المذكور، بمعنى أنه إذا تحقق الشرط المذكور من صفات الرواة فلا بد من تحقق تمام الدور والاتصال ليحكم بصحة الحديث.


(١) - انظر المصباح المنير مادة (دار).

<<  <   >  >>