للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(مُرْدَفِينَ) (١) قراءة في قوله تعالى: {بِأَلْفٍ مِن الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِين} (٢).

[التاج: ردف].

ساق الزبيدي هذه القراءة وهو بصدد الاستدلال على أن رَدِفَ وأَرْدَفَ يأتيان بمعنى واحد، فـ"مُرْدِفِينَ" اسم الفاعل من (أَرْدَفَ) الرباعي، قال الزَّجَّاجُ (٣): يَأْتُونَ فِرْقَةً بَعْدَ فِرْقَةٍ وقال الفَرَّاءُ (٤): أَي: مُتَتَابِعِينَ: رَدِفَه وأَرْدَفَهُ بمَعْنًى واحدٍ، وقَرَأَ أَبو جعفرٍ ونافِعٌ ويعقوبُ وسَهْلٌ: "مُرْدَفِينَ" بفَتْحِ الدَّالِ، أَي: فُعِلَ ذلك بهم أَي: أَرْدَفَهُمْ اللهُ بغَيْرِهِم.

ويفرق أبو جعفر النحاس بين قراءة فتح الدال وكسرها فيقول:" "مُرْدَفِينَ" بفتح الدال فيها تقديران: يكون في موضع نصب على الحال من (كم) في (ممدكم) أي: أردف بهم المؤمنين، وهذا مذهب مجاهد قال مجاهد: أي مُمَدِّينَ. قال أبو جعفر: ويجوز أن يكون "مُرْدَفِينَ" في موضع خفض نعتا للأَلْفِ. و"مُرْدِفِينَ" بكسر الدال، قال أبو عمرو فيه: أي أردف بعضَهم بعضَا، وَرَدَّ أُبُو عُبَيْدٍ على أَبي عَمْرٍو هذا القول، وأنكر كسر الدال، واحتج أن معنى أَرْدَفَ فلانٌ فلاناً جَعَلَهُ خَلْفَهُ، قال: ولا نَعْلَمُ هذا في صفة الملائكة يومَ بَدْرٍ، وأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ (أَرْدَفَ) بمعنى (رَدِفَ) قال: لقول الله - عز وجل -: {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} ولم يَقُلْ المُرْدِفَةُ. قال أبو جعفر: لا يلزم أبا عمرو هذا الرد، ولا يتأول قوله على ما تأوله أبو عبيد، ولكن المعنى في "مُرْدِفِينَ" قد تقدم بعضُهم بعضًا، يقال: رَدِفْتُهُ وأَرْدَفْتُهُ بمعنى تَبِعْتُهُ وأَتْبَعْتُهُ، ولو كان كما قال أبو عبيد لكان معنى "مُرْدَفِينَ" بفتح الدال مُرْدَفِينَ خلفكم، وإنما معنى مُرْدَفِينَ في آثاركم أي اتبع بعضهم بعضا، وهذا أقوى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: مُرْدَفٌ بهم أَرْدَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا " (٥).


(١) قرأ بفتح الدال على اسم المفعول كل من: نافع وعاصم وأبو جعفر وأبو عون وشيبة وسهل، انظر: السبعة لابن مجاهد: ٣٠٤، والتيسير لأبي عمرو: ٨٤، والحجة لابن زنجلة: ٣٠٧، والجامع للطبري: ١٣/ ٤١٤، والدر المصون: ٧/ ٣٥٦، ومعجم القراءات: ٢/ ٢٥٥.
(٢) الأنفال: ٩.
(٣) انظر: معاني القرآن وإعرابه: ١/ ٢٢٢.
(٤) انظر: معاني القرآن:١/ ٤٠٤.
(٥) إعراب القرآن: ٢/ ١٧٨.

<<  <   >  >>