للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعجزوننا؛ لأنهم ظنوا أنهم لا يبعثون، وأنه لا جنة ولا نار. قال قتادة: ظنوا أنهم يعجزون الله. وقال ابن عباس: معاجزين مسابقين. وقال الفراء: معاجزين أي معاندين" (١).

قال السمين: "فأمَّا الأُولى - مُعَجِّزِينَ - ففيها وجهان:

أحدُهما: قال الفارسي: معناه: ناسِبين أصحابَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى العَجْز نحو: فَسَّقْتُه أي نَسَبْتَه إلى الفسق.

والثاني: أنها للتكثير. ومعناها: مُثَبِّطِيْنَ الناسَ عن الإِيمان. وأمَّا الثانيةُ – مُعَاجِزِينَ - فمعناها: ظانِّين أنهم يَعْجِزوننا. وقيل: معاندِين. وقال الزمخشري: عاجَزَه: سابقَه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما في طَلَب إعجازِ الآخرِ عن اللِّحاق به. فإذا سبقه قيل: أعجزه وعَجَزه. فالمعنى: سابقين أو مُسابقين في زعمهم وتقديرِهم طامِعين أنَّ كيدَهم للإِسلامِ يَتِمُّ لهم. والمعنى: سَعَوا في معناها بالفسادِ". وقال أبو البقاء: إنَّ معاجزين في معنى المُشَدَّدِ، مثلَ عاهَدَ وعَهَّد. وقيل: عاجَزَ سابَقَ، وعَجَز سَبَق" (٢).

(مُطْلِعُونَ فأُطْلِعَ) (٣): قراءة في: {هل أنتُم مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ} (٤).

ذكر الزبيدي أن قَوْله تَعالى: {مُطَّلِعُونَ} بتشديدِ الطاءِ وفتحِ النونِ - جمع مُطَّلِعٍ - هي القراءةُ الجيِّدةُ الفَصيحةُ، أي: هل أنتُم تُحِبُّون أن تَطَّلِعوا فتعلموا أين مَنْزِلة الجَهَنَّمِيِّين، فاطَّلَع المُسلِم، فرأى قَرينَه في سَواءِ الجَحيم. وقرأ جماعاتٌ وهم: ابنُ عبّاسٍ (رضي الله عنهما) وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وأبو البَرَهْسَم، وعمّارُ مولى بَني هاشمٍ: {هل أنتُم مُطْلِعُونَ فأُطْلِعَ} بضمِّ الهمزةِ، وسكونِ الطاءِ، وكسرِ اللام – جمع مُطْلِعٍ من أَطْلَعَ - وهي جائزةٌ في العربيّةِ على معنى: هل أنتم فاعِلونَ بي ذلك. وقرأ أبو عمروٍ وعمار المذكورُ، وأبو سِراجٍ، وابنُ أبي عَبْلَة،


(١) الحجة: ٤٨٠.
(٢) الدر المصون: ١١/ ٤، ٥.
(٣) وهي قراءة أبي عمرو، وحسين الجعفي وابن محيصن وأبي سراج، انظر: جامع البيان: ٢١/ ٤٩، والسبعة لابن مجاهد: ٥٤٨، ومفاتيح الغيب: ٢٦/ ١٢٢، والبحر المحيط: ٧/ ٣٤٩، وروح المعاني: ٣/ ٣٠٧، والإتحاف للدمياطي: ٦٥٨، ومعجم القراءات لمختار:٤/ ٢٠٣.
(٤) الصافات: ٥٤، ٥٥.

<<  <   >  >>