للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن خالويه: "فمن قرأ بالزاي فالحجة له أن العظام إذا كانت بحالها لم تبل فالزاي أولى بها؛ لأنها ترفع ثم تكسى اللحم، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وإليه النشور} أي الرجوع بعد البلى. والحجة لمن قرأ بالراء أن الإعادة في البلى وغيره سواء عليه "فإنما يقول له كن فيكون" ودليله قوله تعالى: {ثم إذا شاء أنشره} (١).

وقال السمين: " وأمَّا قراءةُ الزاي فَمِنْ "النَّشْز" وهو الارتفاعُ، ومنه: "نَشْزُ الأرضِ" وهو المرتفعُ، ونشوزُ المرأةِ وهو ارتفاعُها عن حالِها إلى حالةٍ أخرى، فالمعنى: يُحَرِّك العظامَ ويرفعُ بعضَها إلى بعضٍ للإحياء. قال ابنُ عطية: "وَيَقْلَقُ عندي أن يكونَ النشوزُ رَفْعَ العظامِ بعضِها إلى بعضٍ، وإنما النشوزُ الارتفاعُ قليلاً قليلاً"، قال: "وانظُر استعمالَ العربِ تجدْه كذلك، ومنه: "نَشَزَ نابُ البعير" و"أَنْشَزُوا فَأَنْشَزوا" (٢) " (٣)، فالمعنى هنا على التدرُّجِ في الفعلِ فَجَعَل ابنُ عطية النشوزُ ارتفاعاً خاصاً" (٤).

ونخلص مما سبق إلى أن القراءتين سبعيتان، والفرق بينهما هو "فونيم" الزاي والراء، هذا من ناحية الصوت، أما من ناحية المعنى فالكلمة بالراء تدل على الإحياء، وبالزاي تدل على رفع العظام وتركيبها، وإن كان بينهما فرق في المعنى إلا أن الدلالة في النهاية تلتقي لتحقق الهدف من الآية، وهذا ما قرره الطبري في كلامه السابق.

(حَطَبُ) (٥): قراءة في قوله تعالى:"إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ حَصَبُ جَهَنَّمَ" (٦).

قال الزبيدي: "الحَصَبُ: الحَطَبُ عَامَّةً، وقَال الفَرَّاءُ: هي لُغَةُ اليَمَنِ، وكُلُّ مَا يُرْمَى به في النَّارِ من حَطَبٍ وغَيْرِه فهو حَصَبٌ، وهو لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ (٧)، أَوْ لاَ يَكُونُ الحَطَبُ حَصَباً حَتَّى يُسْجَرَ به، وفي التنزيل:" إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ حَصَبُ


(١) الحجة: ١٠١، وانظر: الحجة لابن زنجلة: ١٤٤.
(٢) المجادلة: ١١.
(٣) المحرر الوجيز: ١/ ٣٥١.
(٤) الدر المصون: ٣/ ١٠٣.
(٥) قراءة أبي بن كعب وعلي بن أبي طالب وعائشة وابن الزبير وزيد بن علي وعكرمة وأبي العالية وعمر بن عبد العزيز، انظر: جامع البيان: ١٨/ ٥٣٦، ومعالم التنزيل: ٥/ ٣٥٦، ومختصر ابن خالويه: ٩٢، والمحتسب: ٢/ ٦٧، والمحرر الوجيز: ٢/ ١٠١، وجامع الأحكام:١١/ ٣٤٣، ومعجم القراءات للخطيب: ٦/ ٦١.
(٦) الأنبياء: ٩٨.
(٧) انظر: معاني القرآن: ٢/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>