للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَهَنَّمَ". ورُوِيَ عنْ عَليَ - رضي الله عنه - أَنه قرأَه: "حَطَبُ جَهَنَّمَ". وقال عِكْرِمَةُ: حَصَبُ جَهَنَّمَ هو حَطَبُ جَهَنَّمَ بالحَبَشِيَّةِ ". [التاج: حصب]

قال الطبري: قرأته قراء الأمصار "حَصَبُ جَهَنَّمَ" بالصاد، وكذلك القراءة عندنا لإجماع الحجة عليه. ورُوي عن عليّ وعائشة أنهما كانا يقرآن ذلك {حَطَبُ جَهَنَّمَ} بالطاء. ورُوي عن ابن عباس أنه قرأه "حَضَبُ" بالضاد ... أراد أنهم الذين تسجر بهم جهنم، ويوقد بهم فيها النار، وذلك أن كل ما هيجت به النار وأوقدت به، فهو عند العرب حضب لها. فإذا كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا، وكان المعروف من معنى الحصب عند العرب: الرمي، من قولهم: حصبت الرجل: إذا رميته، كما قال جلّ ثناؤه: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} (١) كان الأولى بتأويل ذلك قول من قال: معناه أنهم تقذف جهنم بهم ويرمى بهم فيها. وقد ذكر أن الحصب في لغة أهل اليمين: الحطب، فإن يكن ذلك كذلك فهو أيضا وجه صحيح، وأما ما قلنا من أن معناه الرمي فإنه في لغة أهل نجد" (٢).

وقال ابن عطية: الحصب ما توقد به النار إما لأنها تحصب به أي ترمى وإما أن تكون لغة في الحطب إذا رمي، وأما قبل أن يرمى به فلا يسمى حصبا إلا بتجوز. وقرأ الجمهور: "حَصَبُ" بالصاد مفتوحة ... وقرأ علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعائشة وابن الزبير: "حَطَبُ" جهنم بالطاء" (٣).

قال السمين:"قرأ العامَّةُ "حَصَبُ" بالمهملتين والصادُ مفتوحةٌ، وهو ما يُحْصَبُ أي: يُرْمَى في النارِ، ولا يقالُ له حَصَب إلاَّ وهو في النارِ. فأمَّا ما قبل ذلك فَحَطَبٌ وشجرٌ وغير ذلك وقيل: هي لغةٌ حبشية. وقيل: يُقال له حَصَبٌ قبل الإِلقاء في النار ... وقرأ ابن عباس بالضاد معجمةً مفتوحة أو ساكنةً، وهو أيضاً ما يُرمَى به في النار، ومنه المِحْضَبُ: عُوْدٌ تُحَرَّك به النارُ لِتُوقَدَ ... وقرأ أميرُ المؤمنين وأُبَيٌّ وعائشة وابن الزبير "حَطَبُ" بالطاء ولا أظنُّها إلاَّ تفسيراً لا تلاوةً" (٤).

والفرق بين هذه القراءات: حصب وحطب وحضب هو "فونيم" الصاد والطاء والضاد، ويلاحظ أن كل هذه المفردات تستخدم في إشعال النار، وهذا


(١) القمر: ٣٤.
(٢) جامع البيان: ١٨/ ٥٣٦.
(٣) المحرر الوجيز: ٢/ ١٠١.
(٤) الدر المصون: ١٠/ ٣٣٧.

<<  <   >  >>