للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِضَمِّ السِّينِ في الأربعةِ المواضعِ، وقرأ حمزةُ والكسائي: {بَيْنَ السُّدَّيْنِ} بضم السين". [التاج: سدد]

ويبدو من خلال معالجة كُتُبِ اللغةِ والتفسير لهاتين القراءتين أَنَّ فيهما اختلافا بَيِّنَاً، فالإمام الطبري رغم أنه يذكر فروقا أخرى بين البناءين، لكنه ينتهي إلى أنه لا فرق بينهما في المعنى إذ لم يرد عن العرب بالطريق الذي لا شك فيه، أن بينهما فرقا بدليل عدم ورود ذلك الفرق في تأويل القراءتين فيقول: واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين: {حتَّى إذَا بَلَغَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ} بضمّ السين، وكذلك جميع ما في القرآن من ذلك بضم السين. وكان بعض قرّاء المكيين يقرؤونه بفتح ذلك كله. وكان أبو عمرو بن العلاء يفتح السين في هذه السورة، ويضمّ السين في "يس ويقول: السَّدُّ بالفتح: هو الحاجز بينك وبين الشيء؛ والسُّدُّ بالضم: ما كان من غشاوة في العين. وأما الكوفيون فإن قراءة عامتهم في جميع القرآن بفتح السين غير قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} فإنهم ضموا السين في ذلك خاصة. عن عكرمة قال: ما كان من صنعة بني آدم فهو السَّدُّ، يعني بالفتح، وما كان من صنع الله فهو السُّدّ. وكان الكسائي يقول: هما لغتان بمعنى واحد. والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولغتان متفقتا المعنى غير مختلفة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، ولا معنى للفرق الذي ذكر عن أبي عمرو بن العلاء وعكرمة بين السُّد والسَّد؛ لأنا لم نجد لذلك شاهدا يبين عن فرق ما بين ذلك على ما حكي عنهما" (١).

وإذا كان الطبري قد أضاف وجها ثالثا في الفرق بين البناءين وهو أن: السَّدَّ بالفتح: هو الحاجز بينك وبين الشيء؛ والسُّدَّ بالضم: ما كان من غشاوة في العين، فإن ابن عطية يزيد وجها رابعا وهو أن "السَّد": بالفتح مصدر، وبالضم اسم، فيقول: "قال الخليل (٢) وسيبويه: الضم هو الاسم والفتح هو المصدر، وقال الكسائي: الضم والفتح لغتان بمعنى واحد، وقال عكرمة وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيدة (٣): ما كان من خلقة الله لم يشارك فيه أحد بعمل فهو بالضم وما كان من صنع البشر فهو بالفتح. قال القاضي أبو محمد ويلزم أهل هذه المقالة أن يقرأ:"بين السُّدَّيْنِ" بالضم وبعد ذلك سدا بالفتح، وهي قراءة حمزة والكسائي


(١) الجامع: ١٨/ ١٠١، ١٠٢.
(٢) انظر معجم العين: ٧/ ١٨٣.
(٣) انظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٧١.

<<  <   >  >>