للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرى الدارس أن التفسير الذي يعتمد على التماثل الصوتي هو الصواب اعتمادا على معطيات الدرس الصوتي الحديث.

" سَنَفْرَغُ " (١): قراءة في قوله تعالى: {سنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} (٢).

[التاج: فرغ].

يذكر الزبيدي للفعل (فرغ) ثلاث لغات: الأولى: فَرَغَ يَفْرُغُ، والثانية: فَرَغَ يَفْرَغُ والثالثة: فَرِغَ يَفْرَغُ. وينص على أن اللغة الأولى هي الأصل، وأن الثانية والثالثة لغتان في الأولى، وقد قرئ (سَنَفْرَُغُ) بضم الراء وفتحها، فالضم قراءة الجمهور وأما الفتح فقراءة قَتَادَة، وسَعِيد بنُ جُبَيْرٍ على فَرِغَ يَفْرَغُ، وفَرَغَ يَفْرَغُ.

ويفسر ابن جني فتح المضارع، على أنه نوع من الإتباع الكامل، وهو الإتباع الناتج عن قلب حركتي (الضمة أو الكسرة) إلى (الفتحة)؛ لتلائم نطق الحرف الحلقي وتناسبه، فهو إتباع الحركة للحرف. يقول ابن جني: " ومن ذلك قولهم: (فَعَلَ يَفْعَلُ) مما عينه أو لامه حرف حلقي نحو: (سَأَلَ يَسْأَلُ، وقَرَأَ يَقْرَأُ، وسَعَرَ يَسْعَرُ، وقَرَعَ يَقْرَعُ وسَحَلَ يَسْحَلُ، وسَبَحَ يَسْبَحُ). وذلك أنهم ضارعوا بفتحة العين في المضارع، جنس الحرف الحلقي، لما كان موضعاً منه مخرج الألف التي منها الفتحة " (٣). والمضارعة التي يعنيها ابن جني تتمثل في أن نطق حروف الحلق يصحبه انفتاح في الفم، يسهل عملية انقباض الحلق، والحركة الوحيدة التي تتصف بالانفتاح هي الفتحة، ولذا يتم الإتباع هنا.

"حَبَطَ" (٤): قراءة في قوله تعالى: {فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (٥). [التاج: حبط].

يذكر الزبيدي أن المشهور (حَبِطَ يَحْبَطُ) من باب (سَمِعَ)، ولكن وردت فيه القراءة بلغة أخرى من باب (ضَرَبَ) فيقول: "وحكي عن أَعْرابِيٍّ أَنَّهُ قرأَ {فَقَدْ حَبَطَ عَمَلُه} بفَتْحِ الباءِ. قالَ الأّزْهَرِيّ: ولم أَسمع هذا لغيرِهِ والقِراءةُ {فَقَدْ حَبِطَ


(١) وهي أيضا قراءة هبيرة، وابن شهاب، ويحيى بن عمارة، والأعمش، وابن إدريس، انظر: الدر المصون:١٣/ ٢٧٣، ومعجم القراءات لمختار: ٥/ ٢٧.
(٢) الرحمن: ٣١.
(٣) الخصائص:١/ ١٥٤.
(٤) قراءة ابن السميفع وأبي السمال، انظر: جامع الأحكام للقرطبي: ٦/ ٧٤، والبحر المحيط لأبي حيان: ٣/ ٤٣٠، ومعجم القراءات للخطيب: ٢/ ٢٣٠.
(٥) المائدة: ٥.

<<  <   >  >>