للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣) كون الحرف الأول منوناً، نحو: {سَارِبٌ بِالنَّهَارِ} (١).

وأما المُخْتَلَفُ فيه: فالْجَزْمُ، قيل: وقلة الحروف، وتوالي الإعلال، ومصيره إلى حرف مَدٍّ. واختص بعض المتقاربين بخفة الفتحة، أو بسكون ما قبله، أو بهما كليهما أو بفقد المجاور، أو عدم التكرار (٢).

وقد عولجت ظاهرة الإدغام في الدرس الصوتي الحديث في ضوء مصطلح Assimilation والذي يعني (المماثلة) وهي:" ضَرْبٌ من التأثير الذي يقع في الأصوات المتجاورة إذا كانت متماثلة، أو متجانسة، أو متقاربة.

ومما يجب إيضاحه أن هناك وجه اتفاق ووجه اختلاف بين الإدغام والمماثلة الصوتية، فالقدماء لما تناولوا المماثلة بإيضاح أشكالها دون أن ينصوا على مسماه الحديث كانوا يدورون في فلك التعريف بمصطلح (الإدغام) مثلما رأينا عند ابن جني، وابن يعيش. ويرى الأستاذ الدكتور: أحمد مختار عمر أن "المماثلة تعني إزالة الحدود بين الصوتين المدغمين وصهرهما معاً" (٣). فالصلة قوية بين المماثلة والإدغام لاجتماعهما في حالة التماثل الكلي أو التام. غير أنه يجب القول بأن الإدغام أحد أشكال المماثلة، بل إنه أقيس أشكالها في العربية.

ويوضح (برجشتراسر) علاقة المماثلة الصوتية بالإدغام بقوله: "إن حروف الكلمة مع توالي الأزمان كثيراً ما تتقارب بعضها من بعض في النطق وتتشابه، وهذا التشابه نظير لما سماه قدماء العرب إدغاماً، غير أن التشابه والإدغام وإن اشتركا في بعض المعاني اختلفا في بعضها، وذلك أن معنى الإدغام: اتحاد الحرفين في حرف واحد مشدد، تماثلا أو اختلفا، نحو: "آمنا" و"ادعى". أما "آمنا" فالنون المشددة نشأت عن نونين، أولاهما لام الفعل، والثانية الضمير، فاتحادهما إدغام وليس بتشابه، وأما "ادعى" فأصل الدال المشددة: دال وتاء، الدال فاء الفعل، والتاء تاء الافتعال، قلبت دالا فهذا إدغام وهو تشابه أيضا. والتشابه في هذا المثال كلي إذ تطابق الحرفان تماما. وأما إذا تشابه الحرفان، ولم يتطابقا،


(١) الرعد: ١٠.
(٢) انظر: النشر: ٢/ ٣ - ١٧، والوافي في شرح الشاطبية للقاضي: ١٢٨ - ١٣٧.
(٣) دراسة الصوت اللغوي: ٣٢٨.

<<  <   >  >>