للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان التشابه جزئيا نحو: "اضطجع" و"ازدجر" الطاء والدال أصلهما تاء، وقلبت طاء لتشابه الضاد ودالا لتشابه الزاي. فهذا تشابه، وليس بإدغام؛ إذ الحرفان لم يتحدا إلى حرف واحد مشدد " (١).

والشرط الأساسي للتأثر بين أي صوتين أن يكون الصوت متبوعاً بحركة غير قابلة للسقوط والإهمال، إما لكون هذه الحركة طويلة، وإما لكونها سبقت بحركة سقطت من قبل إسقاط الأخرى لأنها تزداد تشبثاً بموقعها، وتمنح الصوت قبلها قوة دلالية في موقعها وتمارس تأثيراً ما على الصوت السابق عليها.

ويُقَسِّمُ الْمُحْدَثُونَ تَأَثُّرَ الأصواتِ إلى أنواع (٢):

١) تَأَثُّرٍ رَجْعِيٍّ: Regressive وفيه يتأثر الصوت الأول بالثاني.

٢) وتَأَثُّرٍ تَقَدُّمِيٍّ: Progressive وفيه يتأثر الصوت الثاني بالأول (٣).

٣) وتَأَثُّرٍ مُتَبَادَل: Coalescent وفيه يؤثر كل من الصوتين في الآخر.

لعل هذا التقديم يتناسب ومدى تفشي ظاهرة الإدغام في القراءة القرآنية، حيث يقرر الأستاذ الدكتور عبده الراجحي "أن القراءة بالإدغام، كانت مشهورة وفاشية بين القراء حتى لا نكاد نجد واحداً، إلا وقد شارك فيه بقدر قليل. ومعنى ذلك أن الإدغام لم يكن يقل شيوعاً في اللغة العربية عن الإظهار إن لم يزد عليه، حتى إن أبا عمرو بن العلاء يقول: الإدغام كلام العرب الذي يجري على ألسنتها ولا يحسنون غيره. أما عن لهجات القبائل في الإدغام فتتفق كتبهم على أن الإظهار لهجة الحجازيين، وأن الإدغام لهجة تميم، وهي القاعدة الكبيرة التي كانت تُتَّخَذُ مثلاً لقبائل وسط شبه الجزيرة وشرقيها" (٤).

ويواصل كلامه فيقول:"فنحن نستطيع إذن أن ننسب الإدغام إلى تلك القبائل التي كانت تسكن وسط شبه الجزيرة وشرقيها، ومعظمها قبائل بادية تميل إلى


(١) التطور النحوي: ٢٩.
(٢) انظر: الأصوات اللغوية لإبراهيم أنيس: ٥١، والتطور النحوي للغة العربية لرمضان عبد التواب: ٢٩ – ٣٢، ودراسة الصوت اللغوي لأحمد مختار عمر:٣٧٨.
(٣) انظر الأصوات اللغوية لإبراهيم أنيس: ٥١.
(٤) اللهجات العربية في القراءات القرآنية: ١٣١.

<<  <   >  >>