للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدغمين، وصهرهما معا، أو على أنه إحلال صوت ساكن طويل محل الصوتين الساكنين القصيرين (١).

وتحدث دواعي الإدغام بكثرة على مستوى المفردة الواحدة في بعض الصيغ العربية نحو: اِفْتَعَلَ، وتَفَعَّلَ، وتَفَاعَلَ، وأكثر ما يقع في (اِفْتَعَلَ)، حيث تدغم تاء الافتعال في فاء الفعل فيكون التماثل تقدميا، أو تدغم في عين الفعل فيكون التماثل تراجعيا. والإدغام هو عبارة عن فناء أحد الصوتين في الآخر فناء تاما بحيث يصيران صوتا يرتفع عنه اللسان ارتفاعة واحدة، ولكي يحدث هذا الانصهار كان لابد من أن ينقلب الصوت الضعيف إلى صوت مجانس للصوت القوي، وهذه خطوة افتراضية متصورة، وإن لم يدركها المتحدث باللغة. وأما القراءات التي وردت في التاج وتحققت فيها ظاهرة المماثلة التامة (الإدغام) فهى:

(فَاطَّلَعَ) (٢): من قوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ ِفي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} (٣).

[التاج: طلع]

طَلَعَ – افْتَعَلَ – اطْتَلَعَ – (اطْطَلَعَ) = اطَّلَعَ.

قلبت تاء الافتعال طاء ثم أدغمت في الطاء الأولى التي هي فاء الفعل، وهذا يعني أن الإدغام في هذا الموضع تقدمي؛ لأن فاء الفعل مَثَّلَتْ الصوت الأقوى، فالطاء صوت مفخم، والتاء صوت مرقق، ولا شك في أن المفخم أقوى من المرقق؛ لذلك قلبت التاء إلى طاء لتجانس الفاء (الطاء الأولى) وهي الصوت الأقوى.

ويعلل الشيخ خالد الأزهري سبب التماثل فيما يحدث في صيغة الافتعال بقوله: "إنما أبدلت تاء الافتعال إثر المطبق لاستثقال اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من اتفاق المخرج وتباين الصفة، إذ التاء من حروف الهمس،


(١) انظر دراسة الصوت اللغوي لأحمد مختار: ٣٧٨.
(٢) قراءة الجمهور إلا ابن عباس في آخرين وأبي عمرو في رواية "فَأُطْلِعَ"، انظر: السبعة لابن مجاهد: ٥٤٨، والدر المصون للسمين: ١٢/ ٢٠٠
(٣) الصافات: ٥٥.

<<  <   >  >>