للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمطبق من حروف الاستعلاء فأبدلت من التاء حرف استعلاء من مخرج المطبق، واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء" (١).

ويرى كريم حسام الدين أن " التاء تشترك مع هذه الفونيمات في الخصائص النطقية كالهمس واللثوية (ما عدا الضاد فهي مجهورة) ولكنها تختلف معها في شيء أساسي وهو الإطباق وعدم الإطباق، وقد اكتسبت التاء هذه الخاصية بالمماثلة أي بالمماثلة في الصفات؛ لأن تقريب الحرف من الحرف أدى إلى المماثلة في الصفات" (٢).

وهذا التأويل لقلب تاء الافتعال طاء هو ما تعاوره أهل اللغة في تفسير ما حدث من تغير صوتي أو مماثلة في: "اصْطَفَى"، وَ"اصْطَبِرْ"، و" فَاطَّلَعَ" من الآيات السابقة.

والكثير من الآيات على هذا النهج. فقد رأوا في هذا التغيير فراراً من الثقل ونزوعاً إلى التخفيف بتحقيق الانسجام الصوتي في الصيغة الجديدة من صيغة الافتعال.

(تَدَّخِرُونَ) (٣): من قوله تعالى: {وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} (٤).

[التاج: ذخر].

(مُدَّكِرٍ): من قوله تعالى: {فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ} (٥). [التاج: دكر].

تناول الزبيدي الإدغام في الحرفين السابقين فَبَيَّنَ أن أصلهما: ذَخَرَ وذَكَرَ وأنهما مرا بمراحل افتراضية حتى وصلا إلى شكلهما الحالي كما يلي:

• يَذْخَرُ – يَفْتَعِلُ – يَذْتَخِرُ – (يَذْدَخِرُ - يَدْدَخِرُ) = يَدَّخَرَ.

• يَذْكُرُ – يَفْتَعِلُ – يَذْتَكِرُ – (يَذْدَكِرُ - يَدْدَكِرُ) = يَدَّكِرُ - مُدَّكِر.

ومعنى ذلك أن الفعل (يذخر) عندما جاء على زنة (يَفْتَعِلُ) صار (تَذْتَخِرون) فالتقت تاء الافتعال مع الذال (فاء الفعل)، قال أبو البقاء: "إلاَّ أنَّ


(١) شرح التصريح على التوضيح: ٣/ ٣٩١.
(٢) كريم حسام الدين: أصول تراثية: ١٩٤.
(٣) هي قراءة الجمهور، انظر: التبيان للعكبري: ١/ ٢٦٣، والدر المصون:٢/ ١٠٧.
(٤) آل عمران: ٤٩.
(٥) القمر: ١٥.

<<  <   >  >>