للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حياء الكرم]

وحياء الكرم، كحياء النبي صلى الله عليه وسلم لما صنع وليمة في عرس زينب وأتى الناس إليه وأطالوا عنده الجلوس، فاستحيا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالانصراف حتى عاتبهم الله عز وجل بقوله: {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} [الأحزاب:٥٣].

وتجد بعض الإخوة مثلاً يعلمون حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سمر بعد العشاء إلا في حضرة ضيف أو عرس).

ومع ذلك يحضر إخوانه على الشاي والكركديه والحلوى، وإن كان عنده عشاء عشاهم، ونريد أن يترك وقتاً هكذا للتهجد وللخلوة بالله تبارك وتعالى.

وأنت لا تستغل كرم أخيك وتضيع له عمره، كما أتى جماعة إلى عابد من العباد وطولوا عنده الجلوس فقال لهم: إن ملك الشمس يسوقها، فمتى تريدون القيام.

وأتى عابد إلى أخ له فوجد عنده قوماً قد أطالوا الجلوس، فقال له: صرت مناخ البطالين لا أجالسك أبداً! فهذا الوقت جواهر تملأ بها خزائنك يوم القيامة، والتسبيحة الواحدة تغرس لك بها نخلة في الجنة، ولو أن أحداً منعك من نخلة ذهب أو جلس معك خمس دقائق وضيع عليك مثلاً عشرة مليون جنيه، فإنك ستأخذه من يده ورجله وتقول له: اخرج، تضيع علي عشرة مليون جنيه في ربع ساعة؟! فما ظنك بنخل الجنة وهي بتسبيحة واحدة؟ والتسبيحة الواحدة بنفس، فمن قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة.

فداوم على هذا كل يوم، ولا تنفض عنها، فالدنيا كلها عمل.

والعلم موقوف على العمل، والعمل موقوف على الإخلاص لله، والإخلاص لله يورث الفهم عن الله تبارك وتعالى.

فلا تقل إن هذا الأخ أراد أن يتعشى أو يشرب شاياً، وإنما قل له: أنا أعطيتك ما تريد، ثم اذهب فأنا مشغول.