للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة أم إسماعيل لما تركها إبراهيم في مكة]

وهذه امرأة مصرية ولا مانع أن نذكر اسمها؛ فأسماء أمهات المؤمنين التسع معروفة، هذه المرأة المصرية التي نفخر بها هي أم إسماعيل، وهي التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتلك أمكم يا بني ماء السماء) لما أتى بها إبراهيم عليه السلام إلى جبال فاران، وهو موضع مكة الآن قالت له: يا إبراهيم! آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً فلن يضيعنا.

ولا يوجد أسهل من الكلام، ولكن في المواقف الصعبة فإن الترجمة العملية تكون شيئاً آخر، وتصور أنت امرأة يأتي بها زوجها هي ورضيعها إلى مكان قفر في مكة -ونحن نعرف هجير مكة- ويتركها، وهي تعلم أنه بعد لحظات سيتركها ولا يترك معها إلا جراباً من التمر وسقاء من الماء ينفذ بسرعة، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ فقال لها: نعم.

فتقول: إذاً فلن يضيعنا.

فبالله عليك لو كنت أنا وأنت هل سنقول: إذاً فلن يضيعنا! ثم يرحل عنها إبراهيم، ثم يتضور ويتلبط رضيعها فتبحث له عن الماء، ويجعل الله من خطواتها ما بين الصفا والمروة ركناً من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، وهذا ما أورثتكموه أمكم أم إسماعيل يا بني ماء السماء! ثم يتبدى لها جبريل؛ لأنها في موقف يعجز عنه الرجال، فقال لها جبريل: من أنت؟ فقالت: أنا أم إسماعيل وزوج إبراهيم.

فقال لها: إلى من وكلكما؟ يعني: إلى من ترككما؟ فهو لم يترك معهما فاكهة الشتاء ولا فاكهة الصيف، ولا لحوم الشتاء، ولا لحوم الصيف، ولم يترك معهما طعاماً يكفيهما سنة، وإنما ترك لهما شيئاً يسيراً من تمر وماء لا يكفيهما لوقت يسير.

فقالت: إلى الله.

فقال لها: وكلكما إلى خير كاف، لا تخشي الضيعة؛ فإن الله لا يضيع أهله.

ويزعم أنه منا قريب وأنا لا نضيع من أتانا ويسألنا على الإخبار جوداً كأنا لا نراه ولا يرانا