للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة أنس بن النضر في أحد]

وانظروا إلى أنس بن النضر رضي الله عنه لما غاب عن أول مشهد شهده النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين، قال رضي الله عنه: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المشركين وأغيب عنه! لئن أشهدني الله مشهداً آخر مع النبي صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع، فلما كان في يوم أحد وبعد انكشاف المسلمين رآه سعد بن معاذ فقال له: يا أبا عمرو! إلى أين؟ قال: إليك عني يا سعد بن معاذ! والله إني لأشم ريح الجنة من دون أحد.

وهذا علم الله منه صدق العزم وهو لم يشرع بعد في العمل، فأراه شم ريح الجنة وهو في أحد، فقال: إليك عني يا سعد بن معاذ! والله إني لأشم ريح الجنة من دون أحد، وصدق الله عز وجل في اللقاء، حتى إنه لم تعرفه إلا أخته ببنانه، ووجدوا في جسمه ثمانين رمية ما بين طعنة بسيف، وضربة برمح، وفيه نزل قول الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:٢٣].

وبصدقهم على تحمل الضرب في سبيل الله، واستقامتهم، وتوكلهم على الله عز وجل سجلوا في التاريخ أحرف وصفحات من نور لا تكون لغيرهم أبداً.