للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استغفار حملة العرش للمؤمنين]

ومن فضل المغفرة وعظمها: استغفار حملة العرش للمؤمنين، ومن نحن حتى يستغفر لنا أحد حملة العرش الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أحدهم: (أذن لي أن أحدث عن أحد حملة العرش قد مرقت رجلاه الأرض السابعة، وعنقه منثنية تحت العرش، والعرش على كاهله، خفقان الطير ما بين منكبيه مسيرة سبعمائة سنة) صححه الشيخ الألباني.

فهؤلاء يستغفرون لك، يقول الله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:٧].

ثم يذكر هذا التائب في الملأ الأعلى، وينادى: هذا التائب قد أقبل على ربه، فسيد القضاة أبي بن كعب يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يأمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة:١]، قال: وذكرت يا رسول الله هناك في الملأ الأعلى، قال: نعم، فبكى أبي، فقيل له: لم البكاء؟ قال: ولم لا أبكي، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:٥٨]).

يقول سيدنا يحيى بن معاذ: يا غفول يا جهول لو سمعت صرير الأقلام في اللوح المحفوظ وهي تكتب اسمك عند توبتك، وعند ذكرك لمولاك، لمت شوقاً إلى مولاك.

يا جوهرة بمزبلة لا تعرف قدرها! أنت المراد من هذا الكون، كم من ملك في السموات والأرض لا تذوق أعينهم غمضاً ليس لهم مرتبة: تتجافى جنوبهم عن المضاجع، فإذا قمت من الليل ساعة أو نصف ساعة فإنك تحمل صفة: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:١٦]، وكم ملك في السموات والأرض ما ذاقوا طعاماً، وما شربوا شراباً ليس لهم مرتبة: (ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك).

كم من ملك في السموات والأرض مسخرون لخدمتك يدخلون عليك دخول الرجل على سيده: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٣ - ٢٤].

يا ولي الله! إن ربك يستأذنك في زيارتك، هذا قدرك عند الله عز وجل، وينسبك الله عز وجل إلى نفسه، فكفاك جزاءً على الطاعة أن رضيك لها أهلاً حتى لو لم يكن هناك جنة، كفاك ما تجد في صدرك من أحاسيس ومن شوق إلى الله عز وجل، ومن رضاً عنه سبحانه، بل يكفيك نعمة ذهابك إلى المساجد، فهذه نعمة أنت لا تقدرها، ولكن غيرك يحس بألم فقدها، حين يتمتع بكامل صحته، وبكامل عافيته ولا يستطيع أن يذهب إلى المسجد، وأنت تأتي إلى المسجد كل يوم خمس مرات، فكفاك جزاءً على الطاعة أن رضيك لها أهلاً.

وحسبي انتسابي من بعيد إليكم وذلك حظ مثله يتيمم إذا قيل هذا عبدهم ومحبهم تهلل بشراً ضاحكاً يتبسم