للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبطال في الأندلس وأسبانيا]

نأتي بعد ذلك إلى محمد بن عبد الرحمن بن الحكم أمير المؤمنين في الأندلس، صاحب معركة سليط التي قتل فيها ٣٠٠٠٠٠ من جيوش أوروبا، ومن بعده أتى عبد الرحمن الناصر فأدب ملك ليون أوردنيو وشانسو ملك ناصار في غزوة موبش واستمر الحريق عشرة أيام، وكان يغزو وربما مكث في غزوته أربعة أشهر، ودخل عاصمة ملك ناصار واستولى عليها.

ومن أبطال المسلمين أيضاً: الحاجب المنصور ملك المسلمين في أسبانيا، وقد بلغ عدد الغزوات التي غزاها ٥٠ غزوة، وكانت له غزوة في الصيف وغزوة في الشتاء، وأراد أن يعبر جبال برينيه -التي هي جبال البرانس- إلى فرنسا، وكان أكثر جنود هذا الملك من السبي الذين اعتنقوا الإسلام بعد ذلك.

وقد غزا الغزوات الكثيرة واستولى على برشلونة، وغزا زامورا حتى دخل في عاصمة المملكة التي كانت تسمى (ليون) أقوى مملكة نصرانية في ذلك الوقت، ووصل إلى شانتياقو ثاني مدينة عندهم -يعني: بعد مدينة بيت المقدس-، ويذكر عنه أنه كان يجمع غبار الحروب لتصنع منه لبنات توضع معه في قبره، وفي مرة من المرات سار بجيشه وسط جبلين وكان الممر الذي سلكه ضيقاً، ففوجئ أن الغزاة قد اجتمعوا خلفه وسدوا الممر بين الجبلين فظل يبني المدن والقرى ويعسكر هو وجنودهـ وهم ينظرون خروجه فلما أطال أخذوا يرسلون إليه: أن عد، واخرج من غير غنائم ولا أسرى.

فرد عليهم: لا، ثم أرسل إليهم: إنا لا نكاد نصل إلى بلادنا إلا وقد جاء وقت الغزوة الأخرى، ولذا سنظل ها هنا إلى وقت الغزوة الثانية فإذا غزونا عدنا.

وظل يحرق في بلادهم ويقتل ويسبي حتى قالوا له: إذاً فعد ومعك غنائمك، قال: لا أحمل الغنائم على دواب وإنما تحملونها أنتم على دوابكم، وتدفعون إلي المال والطعام حتى أصل إلى بلادي، وتنحون جيف قتلاكم عن الطريق.

فكان له ما أراد.

ولما مات الحاجب المنصور استولى ألفونسو ملك أسبانيا على المملكة ونصب سرير ملكه على قبر المنصور، وقال لزوجته: أما ترين أني ملكت ملك ملك العرب، ونصبت سرير ملكي على قبره؟ فقال له أحد العرب ممن كانوا في جواره: لو تنفس صاحب هذا القبر وأنت عليه ما سمع منك ما يكره سماعه.

فهم أن يبطش به، فقالت له المرأة: والله إنه لحق.