للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبطال دولة المرابطين في المغرب وغيرها]

ومن أبطال المسلمين: يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، خاض يوم الجمعة ١٢ رجب سنة ٤٧٩ هجرية هو والمعتمد بن عباد معركة من أكبر معارك المسلمين في الأندلس اسمها: معركة الزلاقة، اجتمع له ألفونسو ملك قشتالة وملك أرجون وقوات من كل دول أوروبا بأمر من البابا، فكانت المعركة بين ٢٠٠٠٠٠ صليبي أمام ٤٨٠٠٠ يقودهم يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد.

وقبل بداية المعركة أرسل يوسف بن تاشفين -وكان خاض البحر من المغرب العربي حتى ينصر المعتمد بن عباد في أسبانيا- إلى ألفونسو: بلغنا أنك دعوت للاجتماع بك وتمنيت أن يكون لك فلك تعبر البحر إلينا عليها فقد جزناه إليك، وجمع الله بيننا وبينك في هذه العرصة وسترى عاقبة دعائك {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} [الرعد:١٤].

وقد انتهت المعركة بقتل وأسر ١٨٠٦٠٠ وفر فقط ٤٠٠، ثم جمع أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين رءوس هذه الجثث وجعلها على هيئة هرم وأذن المؤذن فوقها بأذان النصر وصلوا المغرب.

وهناك معركة أخرى هي معركة: الأرك كانت بعدها خاضها يعقوب بن يوسف أمام ألفونسو الثامن، وكان الملك الرومي قد كتب إليه كتاباً يدعوه فيه إلى النصرانية، فمزق الكتاب وكتب إليه في ورقة صغيرة: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل:٣٧].

وكان النصر في هذه المعركة أيضاً للمسلمين، وكان عدد القتلى ١٤٦٠٠٠ قتيل من الصليبيين، وبلغ عدد الأسرى ٣٠٠٠٠ أسير، والخيام ١٥٠٠٠٠ خيمة، وبلغ عدد الخيول ٨٠٠٠٠، و١٠٠٠٠٠ من البغال، و٤٠٠٠٠٠ من الحمير، و٦٠٠٠٠ درع، وكانت الفتاة تباع بدرهم.

ومن أبطال المسلمين الظاهر بيبرس الذي أكمل ما بدأه صلاح الدين الأيوبي، ففتح قلعة أرصوف، ودمر ثلث الفرسان المدافعين عنها، حتى قال شاعر صليبي في قصيدة له: المسيح أصبح فيما يظهر مسروراً لما حل بالمسيحيين من مذلة وهوان، وقد هزم الظاهر بيبرس الأرمن وقتل ابن ملكهم وأسر الابن الآخر، ودخل عاصمة ملكهم وأخذ ٤٠٠٠٠ أسير، وهو الذي حرر يافا، وأخذ قلعة الشقيف، ودمر أنطاكية، وقتل ملكها سيمون وما من جندي من المسلمين إلا وأصبح له أسير من الفرنجة، وأرسل الملك الظاهر بيبرس سفيرهم محيي الدين إلى ملك عكا، فأراد ملك عكا أن يستعرض قواته أمامه، فقال له السفير: إن كل هذا الجيش لا يضارع أسرى الفرنجة عندنا في القاهرة، وسقطت قلعة الحصن -قلعة الأكراد- التي ما استطاع صلاح الدين أن يسقطها على يد الملك البطل الظاهر بيبرس.

ثم أتى من بعده السلطان محمد بن قلاوون فحرر اللاذقية وطرابلس، ثم أتى الملك أشرف خليل ففتح عكا، وهو الملك المسلم الوحيد الذي استطاع أن يدخل عكا؛ لأن صلاح الدين بعد أن استرجعها أخذها النصارى منه مرة أخرى، ولكن الملك الذي استطاع أن يبقي عكا في أيدي المسلمين إلى الأبد هو الملك أشرف خليل حيث دخل عكا سنة ٦٩٠ هجرية.

ودخل المسلمون في عصره إلى قبرص في رمضان، وأتوا بملكها إلى الإسكندرية مأسوراً وكان يردد: قبرص قبرص قبرص وربما رددها في منامه، إذ كان شغله الشاغل بعد فتح عكا أن يفتح قبرص، وكان قبلها أن أرسل ملك قبرص بعض فرسانه وبعض البحرية فدخلوا مدينة الإسكندرية واستولوا عليها، وذبحوا من المسلمين ما ذبحوا، فنذر أشرف خليل أن يأسر هذا الملك، وتم أسره، فغزا المسلمون قبرص ودارت معركة لمدة سبعة أيام في رمضان، ثم عاد المسلمون بملك قبرص أسيراً.

ومن أبطال المسلمين الملك ألب أرسلان من السلاجقة، وقد خاض سنة ٦٤٣ هجرية معركة ملاذكرد، وكان عدد جنوده ١٥٠٠٠ أمام ملك الروم أرمانوس وكان عدد الروم في هذه المعركة ٦٠٠٠٠٠، وقبل بدء المعركة لبس الملك ألب أرسلان كفنه وتحنط بحنوطه وقال للناس: لا أمير لكم اليوم ولا سلطان لكم اليوم، من أراد أن يرجع ويبكي نفسه فليرجع، فلبس جيشه عن بكرة أبيه الأكفان وعرف هذا الجيش في التاريخ باسم جيش الأكفان، فكان النصر بإذن الله، فقد هزم الـ ١٥٠٠٠ جيش الروم وعدده ٦٠٠٠٠٠ ووقع أرمانوس في الأسر، ونودي عليه في آخر النهار: من يشتري الكلب؟ فصاح أسير من المسلمين: لا نشتري الكلب إلا بكلب، فوضعوا رباط الكلب في عنقه وجروه إلى بلاده، فلما رآه الرومان على هذه الحال سملوا عينيه.

أما في الهند! وأحوال المسلمين فيها فإن السلطان فتح علي خان المشهور بجهاده للإنجليز، قيل له: سيقتلك الإنجليز، فقال: يوم من حياة الأسد خير من مائة سنة من حياة ابن آوى.

وأما سلطان المسلمين في الفلبين فإنه لما قدم ماجلان إلى الفلبين قال: إنني باسم المسيح أطلب منكم التسليم، ونحن العرق الأبيض أصحاب الحضارة أولى منكم بحكم هذه البلاد، فتقدم منه سلطان المسلمين في الفلبين لابولابو وقاتله في معركة حتى ذبحه.

وأما الأتراك فإن السلطان العثماني مراد بن أورخان بلغ من ملكه أنه دخل صوفية عاصمة بلغاريا ودخل بيزنطة، فتجهز إمبراطور القسطنطينية وملك الصرب والبلغار والمجر ليلتقوا معه في معركة تسمى: معركة مارتيزا، فينتصر عليهم ويضطرهم إلى دفع جزية سنوية.

وفي سنة ٧٩١ هجرية يفتح جميع بلاد البلغار ويأخذ ملكهم شيمان أسيراً، ثم عاد ليؤدب ملك الصرب لازار في معركة قوصوه حتى يغدر به الصرب ويقتلونه غيلة في هذه المعركة بعد أن انتصر، وكان يدعو قبيلها في صلاة التهجد يقول: إلهي ومولاي إن كان في استشهادي نجاة لأحد من المسلمين فلا تحرمني الشهادة في سبيلك؛ لأنعم بجوارك، ونعم الجوار جوارك، إلهي ومولاي لقد شرفتني بأن هديتني إلى طريق الجهاد في سبيلك فزدني تشريفاً بالموت في سبيلك، وكان له ما أراد.

ومن بعده السلطان العثماني بايزيد الصاعقة الذي انتصر على لازار ملك الصرب وأمراء النمسا وألمانيا وفرسان القديس يوحنا، وفرسان البابا في معركة سنة ٧٩٨ هجرية.

ومن بعده السلطان مراد الثاني والد السلطان محمد الفاتح الذي استولى على الحكم وسنه حينها ١٨ سنة، ويهزم المجر وبولندا وفرنسا وألمانيا والزنادقة في معركة فارانا في ٢٨ رجب سنة ٨٤٨ هجرية ويقتل ملك المجر والكاردينال مندوب البابا في معركة كوسوفا سنة ٨٥٢ هجرية.

وأتى بعده سليمان القانوني ليفتح بلغراد في رمضان سنة ٩٢٧ هجرية، ثم يؤدب ملك المجر ويقتله سنة ٩٢٣ هجرية في معركة موهاس، ويقف بأربعة مليون جندي أمام فيينا عاصمة النمسا، ويصل إلى الميدان الرئيسي فيها.

ثم جاء بعده خير الدين بربروس ليؤدب أساطيل الدولة الأسبانية، وكان أمير البحار في الدولة العثمانية خير الدين بربروس وأخوه عروب الدين بربروس هما اللذان أقاما دولة الجزائر.

ويليه ملك المغرب مولاي عبد الملك الذي انتصر في معركة وادي المخازن سنة ٩٨٦ هجرية على البرتغال وأسبانيا والفاتيكان والنمسا، وقتل في هذه المعركة ملك البرتغال، ثم مات هذا القائد لمرض ألم به، وقد كان يقود المعركة وهو على محفة من شدة المرض.

ومن الحبشة ظهر بطل مسلم وكان ابن قسيس ثم أسلم بعد ذلك، واستطاع أن يوحد جهود المسلمين ومن ثم ينتصر على جيوش الصليبيين سنة ٩٣٥ هجرية، وهو يقول: الجهاد بغيتنا ومنانا، ولا نزال نصبر لهم على الضرب والطعن حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، ويؤسس مملكة للمسلمين في الحبشة.

فأين نحن من هذا كله؟ إنه لا سبيل إلى النصر إلا أن يعود المسلمون إلى الله عز وجل، وحينها تعود لنا العزة والشرف والكرامة والسؤدد، فإن يوماً من حياة الأسد خير من مائة سنة من حياة ابن آوى أو كما قال السلطان فتح علي خان.

اللهم ارزقنا شهادة في سبيلك، وموتاً في بلد رسولك، اللهم احم المسلمين المستضعفين في كل مكان، واحم أعراض المسلمين ودماء المسلمين في بلاد أوروبا وأمريكا.

اللهم انصر المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم احم إخواننا في فلسطين، اللهم عليك باليهود، اللهم عليك بالصليبيين، اللهم وحد صفوف المسلمين، وهيئ لشريعتك أن تحكم الأرض وأن تسود.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

ربنا احشرنا مع نبينا غير خزايا ولا نادمين، ولا شاكين ولا مفتونين ولا مبدلين، واجعل خير أيامنا يوم لقياك، وارزقنا لذة العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك.

رب اجعلنا لك ذكارين، لك شكارين، إليك أواهين مخبتين منيبين، وتقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، واسلل سخائم صدورنا، فبك نستنصر فانصرنا، وعليك نتوكل فلا تكلنا، وإياك نسأل فلا تحرمنا، ولجنابك ننتسب فلا تبعدنا.

اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام! اللهم صل على عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم.

اللهم ارزقنا شهادة في سبيلك، وموتاً في بلد رسولك، وارزقنا الصدق في معاملتك، واشف مرضانا ومرضى المسلمين.