للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان انحرافات محمد عبده]

ثم أتى من بعده مفتي مصر في عصره الشيخ محمد عبده، وهو التلميذ الأول لـ جمال الدين الأفغاني، فكان أول ما فعل أنه دعا للتقريب بين الأديان، وأنشأ جمعية من أجل ذلك هدفها التقريب بين الأديان الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، وهي جمعية العروة الوثقى، وكانت جمعية دينية سرية سياسية، وكان صاحب الرأي الأول فيها الشيخ محمد عبده، وكان سكرتيرها مرزا باقر، وقد كان مسلماً ثم تنصر وتسمى بـ مرزا يوحنا.

وكتب الشيخ محمد عبده في رسائل له إلى القس الإنجليزي إسحاق تلر، يقول: كتابي إلى الملهم بالحق الناطق بالصدق، حضرة القس المحترم إسحاق تلر، أيده الله في مقصده، ووفاه المذخور من موعده.

ويقول له في هذا الخطاب: ونستبشر بقرب الوقت الذي يسطع فيه نور العرفان الكامل، فتهزم له ظلمات الغفلة، فتصبح الملتان العظيمتان المسيحية والإسلام وقد تعرفت كل منهما إلى الأخرى، وتصافحتا مصافحة اللباب، وتعانقتا معانقة الأنثى.

وهذا موجود في كتاب الأعمال الكاملة لـ محمد عبده، جمع وتحقيق محمد عمارة الجزء الثاني صفحة ٣٦٣ - ٣٦٤، قال: وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التقريب بين الأديان لما راسل قيصر الروم ونصارى نجران.

ومن المآخذ التي تؤخذ على الشيخ محمد عبده: أنه كان يقول: إذا تعارض العقل والنقل فقد اتفق أهل الملة الإسلامية إلا قليلاً ممن لا ينظر إليه أنه إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل.

يعني: لو اصطدم العقل مع آية فنأخذ بما دل عليه العقل ونترك هذه الآية.

ومما يؤخذ عليه أيضاً: دخوله في الماسونية مع شيخه، وكان يحتفظ بكتب الماسونية في منزله وبالخط الأفغاني، وقد صودرت في أثناء سجنه بمصر، وصدرت منه عبارات لأستاذه الأفغاني تفوح منها رائحة تجاهل الإسلام، والدعوة إلى الفرعونية المصرية.

ومحمد عبده هو الذي كتب بخط يده برنامج الحزب الوطني الحر، وهو غير الحزب الوطني لـ مصطفى كامل، وهذا الحزب هو حزب علماني يجمع رجالاً مختلفي العقيدة والمذاهب.

ويقول محمد عبده: إن خير أوجه الوحدة: الوطن، يعني: إن الإسلام لا يجمع الناس بقدر ما يجمعهم الوطن، يعني: الوطن يجمع الناس أكثر مما يجمعهم دين الله عز وجل، فهو من القائلين بالوحدة الوطنية.

يقول: إن خير أوجه الوحدة الوطن؛ لامتناع الخلاف والنزاع فيه.

وأيضاً مما يؤخذ على محمد عبده: علاقته المريبة بالإنجليز، حتى إن اللورد كرومر الذي قال: جئت لهدم ثلاثة: الكعبة، والقرآن، والأزهر، صرح بأن الشيخ سيظل مفتياً في مصر ما ظلت بريطانيا العظمى محتلة لها.

فأي علاقة كانت تربطه بالإنجليز حتى يدافعوا عنه هذا الدفاع؟! ولما ألف محمد أحمد خلف الله الشيوعي رسالة: الفن القصصي في القرآن الكريم، وقال: إن قصص القرآن عبارة عن أساطير وأكاذيب، رفضت جامعة فؤاد قبول رسالة الدكتوراة هذه، فقال أمين الخوري الذي كان متزوجاً من الدكتورة ابنة الشاطئ: إنها ترفض اليوم ما كان يقرره الشيخ محمد عبده بين جدران الأزهر منذ اثنين وأربعين عاماً.

وقال لهم: لماذا ترفضون هذا الكلام؟ إن هذا هو نفس كلام محمد عبده عندما قال: إن قصص القرآن عبارة عن تمثيل، ومحمد أحمد خلف الله إنما زاد قوله: إنه أساطير، يعني: عبارة عن أكاذيب.

ومما يؤخذ أيضاً على محمد عبده: أنه الواضع الحقيقي لكتاب تحرير المرأة، وهو الذي صاغه الصياغة النهائية، كما يقول محمد عمارة نفسه الذي جمع كلام الشيخ محمد عبده، فقد قال: هناك فصول كاملة في كتاب تحرير المرأة لـ قاسم أمين أعدها الشيخ محمد عبده، وهي فصول: الحجاب الشرعي، والزواج وتعدد الزوجات، والطلاق، فهذه كاملة من صنع الشيخ محمد عبده، والفصول الأخرى من تأليف قاسم أمين، ثم صاغه محمد عبده الصياغة النهائية، وقد ظلوا في مجلة المنار يثنون على هذا الكتاب وقت أن قامت الزوبعة عليه.