للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة نشر الدعوة في كل مكان وعدم اختصاصها بالمساجد]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

ثم أما بعد: فلقد كان رسولكم صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله تبارك وتعالى في السوق وفي الطريق، وكلكم تعلمون حديث ابن عباس: (يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك)، قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس في الطريق.

يقول سيدنا معاذ: (كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له: عفير، فقال: أتدري يا معاذ! ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟) قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريق، فما بالنا لا ندعو إلا في المسجد، لتنتشر الدعوة حتى تشمل الطرقات، وحتى تشمل تجمعات الناس.

اصرخ بدينك في الطريق اصرخ بجرحك في رءوس لا تفيق قل: إنه الطوفان يأكلنا ويطعم من بقايانا كلاب الصيد والغربان والفئران في الزمن العقيم لا بد من الدعوة إلى الله تبارك وتعالى في الطريق وفي الأسواق، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يذهب إلى الأسواق يدعو إلى الله تبارك وتعالى، ويقول: (أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، ويراه أبو لهب فيحثو التراب على وجهه، ويقول: لا تتبعوا هذا الصابئ، إنه يريد أن يصدكم عن عبادة اللات والعزى) ونحن يا إخوتاه! ما دعونا إلى الله ولم يحث التراب على وجوهنا، ما فعل بنا هذا، وأمامنا طريق طويل، وإن وضع على رءوسنا التراب فإننا على الدرب، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل به هذا ونحن لسنا أكرم على الله تبارك وتعالى من رسوله، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يبشرك إن ذهبت إلى السوق بأنك ستأخذ أجر دعاء السوق، والحديث حسنه الشيخ الألباني، وإن ضعفه الشيخ مقبل.

فاخرج إلى السوق وادع إلى الله تبارك وتعالى، وإن لم يكن عندك علم فقل: أيها الناس! تعالوا إلى المسجد فصلوا تدخلوا الجنة، وأظن الجميع يستطيع أن يقول هذا، إن بائع الفاكهة حين يبيع سلعته يرفع صوته عند الدعوة إلى بضاعته، فما بالنا نستحي من الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ونخجل، وكأنها بضاعة كاسدة، مع أن هذه البضاعة تؤدي بنا إلى الجنة؟! وما بالنا لا ندعو إلى الله تبارك وتعالى في السوق؟ (فرسولكم صلى الله عليه وسلم ركب حماراً له بأرض سبخة، فقال له عبد الله بن أبي بن سلول: ابتعد عني يا محمد! فإن رائحة حمارك تؤذيني، فقال أحد الأنصار: والله لريح حمار رسول الله أطيب من ريحك).

ونحن نقول للعلمانيين وللمنافقين وللزنادقة: لريح حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب من ريحكم، فما ظنك بنقاب عائشة رضي الله عنها! فالنقاب الذين تتكلمون عنه هو أطهر من الطهر.

ويسخر كل أفاك دعي ديوث من نساء المسلمين ويهزأ بالحرائر بالنقاب وقد لبسته أم المؤمنين فلستم من نقاب وليس منكم فذا شرف لسكن الطاهرين وما عرف العفاف لكم طريقاً وفاح الطهر من بيت الأمين أترم بيوت طهر يا لئيم! وبيتك من زجاج هش لين يعني: هب أن النقاب سنة، ولكن قد لبسته أمهات المؤمنين، فبهذا يصير شعاراً ويجب أن يحترم، وأما أن يسخر منه فهذا شأنهم، فإن كانوا مسلمين فليحكموا بيننا وبينهم الكتاب والسنة، وإلا فليفعلوا ما يشاءون.

فالأمر ليس أمر نقاب وليس تطرف وليس كذا ولا كذا، إنما المتطرف هو الخبيث عادل إمام الذي يطعم كلبه لحم حمام مشوي بمائة وعشرين جنيهاً يومياً، مرتب اثنين من الموظفين، هذا هو المتطرف والله، المتطرفون هم الذين يذبحون المسلمين في البوسنة والهرسك، وهم الذين يحاصرون الآن تسعين ألف مسلم، فهؤلاء هم المتطرفون، ولسنا نحن المتطرفين، وإنما نمضي على طريق الله تبارك وتعالى، فادع إلى ربك إنك على صراط مستقيم.