للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مبشرات من سنن الله في الكون]

وهناك مبشرات من سنن الله عز وجل ومن نواميس الله عز وجل في الكون، التي لا يحيد عنها حائد، ومن هذه السنن سنة التغيير وسنة التداول، قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:١٤٠].

فقد كانت الغلبة لهم ثم انتقلت الدولة والحضارة إلى المسلمين، ولما غفل المسلمون عن دينهم انتقلت الحضارة إلى الغرب، ويوماً من الأيام ستعود إلينا، وقد سقطت حضارة روسيا الأولى، وبعد سقوط حضارتهم تعود إلينا مرة ثانية.

وسنة التغيير؛ قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال:٥٣ - ٥٤].

وهذه سنة الله عز وجل في الذي يعرض عن هداه، ولا ريب أنهم في الغرب قد أعرضوا عن طريق الله عز وجل، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:٣٦ - ٣٧]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [طه:١٢٤].

وأما سنة الله عز وجل في المترفين: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:١١٢].

وأما سنة الله في الظالمين: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام:٢١]، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنعام:٤٥]، {هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام:٤٧]، {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [يونس:١٣]، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].

فأين كان العالم يوم أن بكى الأطفال وماتوا وقتلوا، كانوا ٧٠٠٠٠٠ طفل بإحصاءات الأمم المتحدة؟! وأين كان العالم وأطفال العراق يموتون من الجوع؟! ولا شيء أشد على النفس من موت طفل وأنت تستطيع أن تنقذه.

وأين كان ضمير العالم وفلسطين تئن من الذبح والقتل والتشريد ونسف البيوت؟! {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].

إن حضارة الغرب حضارة عوراء لا تنظر إلا بعين واحدة وهي عين المادة، وتكيل بمكيالين دائماً، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢]، {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر:٩]، {فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:١٢ - ١٤].

وسنة الله في الكفار واحدة، فليس هناك كافر يكفر هو أحسن من كافر آخر، قال الله عز وجل: {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} [القمر:٤٣]، فكما أخذ عاد وثمود، وقوم لوط التي تمثلت فيها حضارة الشذوذ فسيأخذ حضارة الشذوذ في أي زمان، {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:٨٣]، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد:١٠]، وقال الله عز وجل: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة:٢١١]، وقال الله عز وجل: {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ} [الزخرف:٨].

إن سنن الله عز وجل لا تحيد أبداً، فانظر إلى الغرب حين انتشرت فيه المخدرات، والبطالة، والقتل، والإجهاض، تقول الإحصائيات: إن ثلاثة وخمسين مليون طفل هم حصيلة الإجهاض، فالجريمة كل دقيقة، والاغتصاب مستمر، كما انتشرت الخمور، وكثر نكاح المحرمات، ونكاح الأقارب.

وهناك بنوك للحيوانات المنوية تأخذ منها المرأة ما تشاء فيولد الطفل من غير أب، فيباع الأطفال، وانتشرت البطالة، والديون والتردي، كل هذا موجود في حضارة الغرب.

يقول الكاتب الإنجليزي أسبورن: نحن موتى مخدرون مضيعون، نحن سكيرون مجانين حمقاء، نحن تافهون.

وهذه كانت في مسرحية حضرها ستة مليون وسبعمائة وثلاثة وثلاثين ألف في الغرب.

وانظر إلى كتاب جيمس بادرسن، وديسر جيم: يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة.

وهذا الكتاب صدر في نيويورك عام ١٩٩١م وترجمه الدكتور محمد سعود البشر، وهناك كتاب آخر: نحن القوة الأولى أين تقف أمريكا؟ وأين تسقط في النظام العالمي الجديد؟ لـ أندرو شابيرو، صدر عام ١٩٩٢م بعد حرب الخليج.

ثم الكتاب الثالث: السقوط التراتيبي أمريكا عام ٢٠٢٠ ميلادية للجنرال هوف قائد السلاح الجوي السابق الأمريكي، وقائد قوات الأمم المتحدة في كوريا ومستشار وزارة الدفاع، صدر هذا الكتاب عام ١٩٩٢م، يقول: إن ديون الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٩٢م كانت أربعة ألف مليون دولار، وستصل في عام ٢٠٢٠م إلى عشرة واثنين من عشرة ترليون دولار.

يقول: إنه في كثير من الأوقات يراودهم شك بأنهم دجالون ومحتالون ومنافقون.

معنى هذا: أن هناك ثمانين مليون دجال ومنافق ومحتال في بلادهم.

وانظر إلى كتاب: سقوط الحضارة لـ كولن ولسن، وانظر إلى ما كتبه الشاعر الألماني بروشرت يقول: نحن جيل بلا رابط ولا عمق عمقنا هو الهاوية نحن جيل بلا دين ولا راحة شمسنا ضيقة حبنا وحشية شبابنا بلا شباب إننا جيل بلا قيود ولا حدود ولا حماية من أحد وانظر إلى ما كتبه العالم ألكيس كارتل صاحب كتاب: الإنسان ذلك المجهول، والحاصل على جائزة نوبل، أو انظر إلى كتاب إنسانية الإنسان لـ رنيه روبو الفرنسي الحاصل على جائزة نوبل، أو انظر إلى ما كتبه لوبات سكرتير وزارة الداخلية الأمريكية في بحث له بعنوان: هل تستطيع أمريكا التغلب على خلاصة النمو؟ يقول: إنه من السهل اعتبار أمريكا التي صنعها الإنسان كارثة.

وانظر إلى ما كتبه جون ديوتي: إن الحضارة التي تسمح للعلم بتحطيم القيم المتعارف عليها لهي حضارة تضر نفسها بنفسها.

وانظر إلى كتاب سقوط الحضارة لـ كولن ولسن الذي يصف فيه المجتمعات بأنها مجتمعات الخنازير أو كما قال.