للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقارنة بين الصالحين والعصاة عند الموت]

والعاصي عند سكرات الموت كما قال الله تبارك وتعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد:٢٧].

وأنت عندما يضربك أحد -كالمعلم- في دار الدنيا تجد لضربه ألماً، فكيف بضرب الملائكة، كما قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد:٢٧]، وقال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ} [الأنعام:٩٣]، قال ابن كثير: أي في الضرب.

ويقول ملك الموت للصالح عند سكرات الموت: اخرجي أيتها الروح الطيبة -إن كانت في الجسد الطيب- إلى روح وريحان ورب غير غضبان.

قال ابن القيم: إن العبد وهو يتقلب في نعيم الجنة فيذكر نعيم الدنيا فلا يساوي شيئاً مقارنة ببشارة ملك الموت له عند خروج الروح.

واليوم أربعة مليون شخص شيعوا جنازة الأميرة ديانا، وهذه قمة اللهو.

وإذا نظرنا إلى عدد المشيعين للعبد المؤمن فإنه عندما تخرج روحه يضعها الملائكة في حنوط من حنوط الجنة، وكفن من أكفان الجنة، فتخرج منها كأطيب نفحة مسك على وجه الأرض، وينادونه بأحب الأسماء إليه كانت في دار الدنيا، ويشيعها من كل سماء مقربوها إلى السماء التالية.

وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ما في السماوات موضع أربعة أصابع إلا وملك ساجد واضع جبهته لله).

وسمك السماء الواحدة مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، والمقربون يشيعون روح العبد الصالح حتى يصلوا بها إلى السماء السابعة، فيقول الله: (اكتبوا كتاب عبدي في عليين).

وعلماء التفسير اختلفوا في معنى عليين، يعني: هل هي في السماء السابعة أو عند سدرة المنتهى أو في قائمة العرش اليمنى أو عند الله عز وجل؟ فأقل شيء أن روحه تكون في السماء السابعة فما فوق، فهي في علو دائم.

وأما العاصي فيقول له: (اكتبوا كتاب عبدي في سجين) في الأرض السابعة، في حزر إبليس وتحت سيطرته، وروحه لا تفتح لها أبواب السماء، ولا تصعد في ملكوت السماوات، قال تعالى: {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١].

والعاصي تجذب روحه جذباً، وذلك عندما تتفرق وتخاف وتنتشر في جسده فإن الملائكة يجذبونها جذباً، قال تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات:١].

وتخرج منها كأنتن جيفة على وجه الأرض، ولا تصعد إلى السماء، وينادى من قبل العرش: (أن كذب عبدي)، وكفاية عليك هذا لو لم ترض بجوار الله عز وجل.