للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إعادة التاريخ لنفسه سنة ماضية]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام:١٣٤]، ثم أما بعد حدث في الجمعة الأولى من شعبان الموافقة لجمعتنا هذه حادث فريد في تاريخ الأمة الإسلامية، لقد كانت خطبة الجمعة في الرابع من شهر شعبان بعد يوم فتح القدس بثمان، سنة ٥٨٣ هجرية، وكان الخطيب محيي الدين بن زكي القرشي قاضي صلاح الدين الأيوبي الذي بدأ الخطبة بعد واحد وتسعين سنة غابت فيه صلاة الجمعة من المسجد الأقصى، بدأها بالحمد في قول الله تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:٤٥]، ثم أتى بآيات الحمد في القرآن الكريم، ثم ذكر بعد ذلك خطبة فريدة بعد أن خفت صوت القسيسين والرهبان، وعلا صوت المؤذن بالأذان، بعد أن وحِّد الواحد، وكبّره الراكع والساجد.

التاريخ -كما قال أهل العلم- وكأنه يعيد نفسه، فقد مرت على المسلمين لحظات من الضعف بلغوا فيها منتهى الذل؛ بيعت النساء -كما حدث في إسبانيا ومحاكم التفتيش- سبايا، بلغ من الذل أن أحد الملوك أراد للناس أن يطبقوا السنة في حلب وإذا بالدهماء والغوغاء يسحبون البسُط من تحت أقدام المصلين ويقولون هذه حصر علي بن أبي طالب، فإذا أراد أبو بكر أن نترك حي على خير العمل ونقول الأذان الشرعي فليأت بحصر من عنده.

بلغ ذل الناس في الأندلس أن الملك كان يقول: بايعوني اليوم على الملك واقتلوني غداً، من أجل شهوة الملك والجاه والرئاسة فقد بلغت بالناس كل مبلغ، تخلى الناس عن دينهم وتركوا السنة وأتت البدع، واليوم يعيد التاريخ نفسه، فأيام ما كانت (منظمة فتح) لها الصولة في ديار فلسطين كان معين بسيسو وهو شاعر من شعراء المقاومة مع أنه صليبي إلا أنه كان شاعراً كبيراً للمقاومة الفلسطينية، كان هذا الكافر الزنديق يقول: كل ديك قد ذبحناه بقي الله! قال هذا جهاراً نهاراً محمود درويش المستشار الثقافي لـ ياسر عرفات السابق وهو شيوعي، وحينما يأتي هنا إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب يحتفل به الشعراء والمفكرون وتقوم الدنيا ولا تقعد لـ محمود درويش، الذي يقول في قصيدة تسمى مديح الظل العالي: يا خالقي في هذه الساعات من عدم تجلى فلعل لي رباً لأعبده لعل ويقول أيضاً: فعين الله نائمة عنا وأسراب الشحارير وأما رشاد حسين فيقول: الله أصبح غائباً يا سيدي صابر إذاً حتى بساط المسجد وهذا كله كفر وزندقة وجرأة على الذات الإلهية وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الناس الشاردين عن طريق الله عز وجل يأتيهم الذل من كل مكان حتى يراجعوا الحساب مع الله عز وجل، وحتى يعودوا إلى الدين، وحتى يتمسكوا بآداب دينهم وصدام حسين أنفق في حرب العراق مع إيران خمسمائة مليون دولار، وإيران دولة شيعية لا نحبها أبداً وبيننا وبين الشيعة من العداوة الشيء الكثير، ولكنهم داخلون في مسمى المسلمين وهم أهل بدع كفرية؛ ولكن هذا الرجل أنفق خمسمائة مليون دولار من أموال الشعب العراقي وضيعها في الحرب بينه وبين إيران، وسقط في المعارك مليونا قتيل، وكل هذا لا لدين الله عز وجل وإنما من أجل الدنيا، وفعل بالكويت ما فعل؛ فماذا كانت النتيجة؟ ثمانون ألف طفل عراقي يموتون كل شهر.

ودك قرى الأكراد التي أنجبت صلاح الدين الأيوبي بمن فيها وما فيها، وكانت النتيجة أن يخرج الجندي العراقي ويميل على قدم الجندي الأمريكي في حرب الخليج، فيقول: لا ترع لا تخاف وتسجِّل هذا الصحف الغربية ووكالات الأنباء الغربية.

لا بد من عودة إلى الله عز وجل، وكأن التاريخ يعيد نفسه.

إن ملك المسلمين في عهد سيدنا عثمان بن عفان كان يبلغ من المغرب العربي حتى حدود الصين، وفي أيام الدولة العباسية بلغ من جنوب ولايات فرنسا الجنوبية على بعد ١٧ ميل من باريس حتى حدود الصين، يكفي أن تعلم أن قتيبة بن مسلم الباهلي وكان سنه ١٧ عاماً يفتح بجيشه ٤٠% من مساحة الإتحاد السوفيتي و٥٠% من مساحة الصين قاد الجيوش لسبع عشرة حجة يا قرب ذلك سؤدداً من مولد