للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (ثم دنا فتدلى ما أوحى)]

قال تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم:٨].

من الذي دنا فتدلى؟ ليس معناه: أنه زاد فيه ونقص، وقدم وأخر، ووقع في الوهم، كما قال الحافظ ابن حجر، وحمل عليه العلماء الحديث الوارد في البخاري ومسلم.

وإنما الذي دنا فتدلى هو جبريل، دنا فتدلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرب.

قال تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم:٩].

قاب: قدر قوسين: القوس معروفة.

أو أدنى: (أو) هنا لا تحتمل الشك، وإنما لتقدير المسافة، مثلما قال الله عز وجل: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات:١٤٧]، يعني: ما كانوا مائة ألف، بل يزيدون على ذلك فـ (أو) لا تحمل معنى الشك، ومثلها: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:٧٤] إن لم تكن فيها قسوة الحجارة فهي أشد منها.

قال تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم:١٠].

أي: أوحى الله لعبده جبريل ما أوحى، أو أوحى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أوحاه الله إليه.

قال تعالى: {مَا كَذَّبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم:١١]، وفي القراءة السبعية الثانية: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم:١١] يعني: ما كذب الفؤاد ما رآه البصر، بل صار مشهد البصر والبصيرة واحداً.

اللهم يا معلم إبراهيم علمنا، يا معلم إبراهيم علمنا، يا مفهم سليمان فهمنا، اللهم ارزقنا من علمك ربي، اجعلنا لك ذكارين، لك شكارين، إليك أواهين مخبتين منيبين، تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، واسلل سخائم صدورنا.