للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج ابن أبى حاتم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما رفع سليمان عليه السلام رأسه إلى السماء تخشعًا، حيث أعطاه الله ما أعطاه ".

[كيف دخل عمر بن الخطاب بيت المقدس؟!]

وهذا عمر بن الخطاب يدخل بيت المقدس فاتحًا .. فماذا كان حاله؟!

كان بينه وبين الغلام الذي معه مناوبة .. فلما قرب من الشام كانت نوبة ركوب الغلام، فركب الغلام وأخذ عمر بزمام الناقة فاستقبله الماء في الطريق، فجعل عمر يخوض في الماء، ونعله تحت إبطه اليسرى، وهو آخذ بزمام الناقة، فخرج أبو عبيدة وكان أميرًا على الشام، وقال: يا أمير المؤمنين إن عظماء الشام يخرجون إليك، فلا يحسن أن يروك على هذا الحال، فقال عمر: إنما أعزنا الله بالإسلام، فلا نبالي بمقالة الناس (١).

وعند موته رضي الله عنه قال لابنه عبد الله: اطرح وجهي يا بني بالأرض لعل الله يرحمني .. قال: فمسح خديه بالتراب (٢).

ألا ترى في هذا الموقف مدى تذلل عمر وانكساره لربه، وهو يمسح خديه بالتراب، وكيف كانت آماله كلها متعلقة برحمته سبحانه؟!

وعلى نفس الدرب سار عمر بن عبد العزيز الذي ما كان يسجد إلا على التراب (٣) .. وكان يلبس ثيابًا عجيبه عند قيامه الليل!

عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كان لعمر بن عبد العزيز سفط، فيه دراعة من شعر وغل، وكان له بيت في جوف بيت، يصلي فيه لا يدخل فيه أحد، فإذا كان في آخر الليل، فتح ذلك السفط ولبس تلك الدرعة، ووضع الغل في عنقه، فلا يزال يناجي ربه ويبكي حتى يطلع الفجر، ثم يعيده إلى السفط (٤).


(١) تنبيه الغافلين للسمرقندي ص ١٤١ - مؤسسة التاريخ العربي - بيروت.
(٢) الزهد لابن المبارك ص ١٤٦.
(٣) الرسالة القشيرية ص ١٤٦ - دار الخير - بيروت.
(٤) سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ص ٢٣٥ - دار مكتبة الهلال - بيروت.

<<  <   >  >>