للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض السلف: المتكلم ينتظر الفتنة، والمنصف ينتظر الرحمة (١).

ولِم لا تكون فتنة، وهو يتكلم والناس ينصتون، يدعو والناس يؤمِّنون، يترك نفسه عرضة لمدح المادحين، وملق المتملقين.

تقترب منه الأضواء، فلا يستطيع دفعها .. يكبر ظله، فيصدق نفسه أنه كبير. فتتواجد من هذا كله التربة الخصبة لنمو العُجب وتضخم الذات، وبناء الصنم داخل ذلك الشخص.

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن قومي قدموني فصليت بهم، ثم أمروني أن أقص عليهم، فتردد إلى عمر ثلاث مرات وأربع، فقال له عمر: لا تقص فإني أخاف عليك أن ترفع نفسك فيضعك الله قبضة (٢).

وفي رواية قال عمر: أخاف أن تنتفخ فتبلغ الثريا.

فهذه أكثر الأسباب التي تيسر دخول داء العُجب إلى النفس وتمكنه منها، وإن كان من النادر أن تكون كلها مجتمعه في شخص ما، إلا أن كل سبب منها كفيل بأن يكون مادة جيدة لتسلل العُجب إلى داخل الإنسان. وكلما كثرت الأسباب كان تأثير هذا الداء على النفس أشد.


(١) الزهد لابن المبارك ص ١٨.
(٢) الزهد للإمام أحمد ص ١٢٢.

<<  <   >  >>