للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تخيل أنك تساعد شخصًا على قضاء حاجة له، فإذا به يذهب بعد قضائها إلى آخر ليحمده .. ماذا ستكون مشاعرك نحوه؟! وماذا لو تكرر ذلك مرات ومرات؟!

إنه لمن الطبيعي أن يفرح العبد بفضل ربه، على كل نعمة يسديها إليه، وعمل صالح يوفقه إلى فعله.

فإن لم يفعل ذلك وجحد نعم ربه عليه، بل فرح بنفسه وحمدها على ما لم تفعله، فماذا سيكون وضعه عند ربه؟! .. إنه المقت والعياذ بالله.

لذلك قال ابن الحاج في المدخل: من كان في نفسه شيء فهو عند الله لا شيء (١).

وقال كعب لرجل رآه يتتبع الأحاديث:

اتق الله وارض بالدون من المجالس، ولا تؤذ أحدًا، فإنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العُجب ما زادك الله به إلا سفالًا ونقصًا.

وقيل للسيدة عائشة رضي الله عنها: متى يكون الرجل مسيئًا؟ قالت: إذا ظن أنه محسن (٢).

[يؤدي إلى الخذلان وحرمان التوفيق والتعرض للفتن]

انظر إلى ما حدث للمسلمين في غزوة حنين عندما اتكلوا على قوتهم وأعجبوا بها حيث كان الجيش الإسلامي كبيرًا لدرجة أن العُجب قد دخل إلى بعض النفوس، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥].

يقول المباركفوري: وبينما ينحدرون في وادي حُنين، و هم لا يدرون بوجود كمائن العدو في مضايق هذا الوادي، إذا بكتائب العدو قد شدت عليهم شدة


(١) المدخل لابن الحاج ٢/ ٢٥ - دار الكتب العلمية - بيروت.
(٢) العدب لعمر بن موسى ص٣١.

<<  <   >  >>