للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ١٩، ٢٠].

فكيف إذن نرى أعملنا القليلة بعين التعظيم، والله عز وجل يقول: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: ٤٤].

تخيل أنك قد عزمت على التبكير لصلاة الجمعة، وخرجت من منزلك في الثامنة صباحًا - مثلًا - وفي طريقك للمسجد اعتقدت بأنك ستكون أول الداخلين إليه، وظل الشعور بالزهو يتملكك، فإذا بك تدخل المسجد فلا تكاد تجد موضعًا لقدمك .. ماذا سيكون شعورك آنذاك؟! وهل سيستمر زهوك وإعجابك بنفسك أم ستسصغر فعلك؟!

وهذا هو الدور العظيم الذي تحدثه معرفة الله الغني الحميد .. فعندما تكثر من التسبيح، وتظن أنك فعلت شيئًا غير مسبوق يأتيك القرآن ليقول لك: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الجمعة: ١].

وعندما يشعر المرء بتعبه من ركيعات يركعها لله، ويخالجها شعور بالرغبة في التخفيف من هذه العبادة يأتيه قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨].

إن شعور الواحد منا باستغناء الله عن عبادته، وعدم منفعته بها له دور كبير في محو أي خاطرة مَنّ أو إدلال على الله عز وجل بما يقوم به من أعمال ...

وكذلك فإن التعرف على عبودية الكون لله عز وجل من شأنها أن تجعلنا نضع رأسنا في التراب حياء من الله، وخجلًا من حجم طاعتنا اليسيرة التي لا تكاد تساوي شيئًا بجوار عبادة أصغر مخلوق له سبحانه.

<<  <   >  >>