للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومشى قوم خلف عبد الله بن مسعود فقال لهم: ارجعوا فإنها ذلة للتابع، وفتنة للمتبوع، وقال: لو تعلمون ما أعلم من نفسي حثيتم على رأسي التراب.

وهذا المَرُّوذي تلميذ الإمام أحمد بن حنبل يقول: ذكر أمام ابن حنبل أخلاق الورعين فقال: أسأل الله عز وجل أن لا يمقتنا، أين نحن من هؤلاء؟!

وكان رجل من بني إسرائيل له عند الله حاجة، فتعبد واجتهد ثم طلب إلى الله حاجته، فلم ير نجاحًا، فبات مزريًا على نفسه، وقال: يا نفس، مالك لا تقضي حاجتك، فبات محزونًا قد أزرى على نفسه .. وقال: أما والله ما مِن قِبل الله أوتيت، ولكن من قبل نفسي أوتيت، فبات ليلة مزريًا على نفسه وألزم الملامة، فقضيت حاجته (١).

[هل يمكن للنفس أن تأمر بخير؟!]

يجيب عن هذا السؤال المحاسبي فيقول:

إن كون النفس أصحبت تؤدي بعض الطاعات بسهولة ويسر ليس معناه أنها تحب ذلك، بل إن قوة عزمك التي وهبك إياهًا المولى، والخوف من الآخرة قهرها، ولو وجدت منك فترة لرجعت إلى أحوالها، ولرفضت الطاعة لله عز وجل.

ويضرب المحاسبي مثالًا لذلك بالأسير الذي كان يحاول الفتك بك، فقهرته، وأسرته وصار طوع أمرك, هل تأمن له بعد ذلك؟! وهل سيطيعك راضيًا مختارًا أم أنه ينتظر منك التفاته لينقض عليك (٢)؟!.

[النفس هي النفس]

يؤكد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي على المعنى الذي ذكره المحاسبي في أن النفس لا يمكنها أن تأمر صاحبها بخير إلا إذا كان لها مصلحة في ذلك فيقول:


(١) الزهد للإمام أحمد / ١٤٤.
(٢) الرعاية لحقوق الله للمحاسبى ص ٤٣٥، ٤٣٦.

<<  <   >  >>