للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٨٣٣ - الشهاب السهروردي الفيلسوف صاحب السيمياء.]

قتل لسوء معتقده وكان أحد الأذكياء قتل شابا في سنة ٥٨٦ بحلب ولم يرو شيئا. انتهى.

وأرخه ابن خلكان فيها لكن الذهبي أورده في تاريخ الإسلام في من مات سنة ٥٨٧ ثم حكى في آخر ترجمته أنه قتل سنة ست. ⦗٢٦٥⦘

قال ابن خلكان: يحيى بن حبش الملقب شهاب الدين وقيل: اسمه أحمد , وقيل: اسمه كنيته وهو أبو الفتوح وكان أوحد أهل زمانه في العلوم الحكمية جامعا للفنون الفلسفية بارعا في الأصول الفقهية مفرط الذكاء فصيح العبارة.

وقيل: إنه كان يعرف السيمياء وله تصانيف كثيرة.

ومن كلامه: اللهم خلص لطيفي من هذا العالم الكثيف.

ومن كلامه: حرام على الأجساد المظلمة أن تلج ملكوت السماء.

ومن شعره الأبيات المشهورة

أبدا تحن إليكم الأرواح ... ووصالكم ريحانها والراح

... القصيدة.

ومنه على طريقة ابن سيناء في النفس

خلعت هياكلها بجرعاء الحمى ... وصبت لمغناها القديم تشوقا

وتلفتت نحو الديار فشاقها ... ربع عفت أطلاله فتمزقا

وقفت تسائله فرد جوابها ... رجع الصدا أن لا سبيل إلى اللقا

فكأنها برق تألق في الحمى ... ثم انطوى وكأنه ما أبرقا

قال: وكان شافعي المذهب ويلقب المؤيد بالملكوت وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل واعتقاد مذهب الحكماء واشتهر ذلك عنه فأفتى علماء حلب بقتله لما ظهر لهم من سوء مذهبه وكان يشدهم ابن جهبل وأخوه.

وقال السيف الآمدي: اجتمعت به في حلب فقال لي: لا بد أن أملك الأرض فقلت: من أين لك هذا؟ قال: رأيت في النوم أني شربت البحر ⦗٢٦٦⦘

فقلت: لعله يكون العلم فرأيته لا يرجع عما وقع في نفسه وهو كثير العلم قليل العقل. انتهى.

وسمى ابن أبي أصيبعة جده أميرك وسماه هو عمر وقال: كان أوحدا في العلوم الحكمية جامعا للفنون الفلسفية بارعا في الأصول الفقهية مفرط الذكاء فصيح العبارة لم يناظر أحدا إلا أربى عليه.

ونقل عن فخر الدين المارديني أنه كان يقول: أنا أخشى على هذا الشاب يتلفه ذكاؤه.

وقال الضياء صقر الحلبي: قدم إلى حلب في سنة ٧٧ ونزل في المدرسة الحلاوية وحضر مجلس الافتخار الحلبي وهو مدرسها فبحث وعليه دلق ومعه إبريق وعكاز فلما انصرف أرسل له الافتخار بذلة قماش مع ولده فقال: ضع هذا واقض لي حاجة وأخرج فص بلخش قدر البيضة فقال لي: بع هذا.

فأخذه منه عريف السوق وعرضه على الطاهر بن صلاح الدين فدفع فيه ثلاثين ألف دينار فشاور الشهاب فغضب وأخذ الفص فوضعه على حجر وكسره بآجر حتى تفتت وقال خذ هذه الثياب وقل لوالدك: لو أردت الملبوس ما عجزت عنه.

فذكر ذلك لأبيه فنزل السلطان إلى المدرسة وكان سأل العريف عن الفص فقال: هو لابن الافتخار فكلم السلطان الافتخار وسأله عن الفص وقص عليه قصته فقال: إن صدق حدسي فهذا هو الشهاب السهروردي فطلبه وأخذه معه إلى القلعة فاغتبط به وبحث مع الفقهاء فأربى عليهم ثم استطال على أهل حلب جملة فآل أمره إلى أن أفتوا بقتله.

ونقل ابن أبي أصيبعة: أنه كان لا يلتفت إلى شيء من أمور الدنيا وأنه كان أولا في ميافارقين وعليه جبة قصيرة زرقاء وعلى رأسه فوطة وفي رجليه زربول كأنه فلاح. ⦗٢٦٧⦘

وقال ابن أَبِي أصيبعة: لما بهر فضله حسن موقعه عند الطاهر فدس أعداؤه إلى السلطان صلاح الدين فخوفوه فتنته فكاتب ولده في أمره فناضل عنه فورد عليه كتاب أبيه بخط القاضي الفاضل: لا بد من إمضاء حكم الشرع فيه، وَلا سبيل إلى إبقائه، وَلا إلى إطلاقه.

فلما لم يبق إلا قتله اختار هو لنفسه أن يترك في بيت حتى يموت جوعا ففعل به ذلك في أواخر سنة ست وثمانين وعاش ستا وثلاثين سنة وقص ابن أبي أصيبعة حكايات مما شاهدوا منه من السيمياء.

وقال ابن خلكان: أمر الطاهر بحبسه ثم خنق وذلك في خامس رجب سنة سبع وثمانين وعمره ثمان وثلاثون سنة وهكذا قال بهاء الدين بن شداد في تاريخه.

وأظن أن من سماه عمر التبس عليه بالشهاب السهروردي صاحب العوارف فهو الذي يسمى عمر ويقال: إنه قرأ على مجد الدين الجيلي شيخ الإمام فخر الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>