للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) أما غير العاصي فلا يعد موت الفجأة أخذةُ غضب وعليه يحمل الحديث الآتي: (لحديث عائشة الثابت في الصحيحين) أن رجلا أتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال * يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال نعم.

[عبرة الموت:]

يروى أن أعرابياً كان يسير على جمل له، فخر الجمل ميتاً، فنزل الأعرابي عنه، وجعل يطوف به ويتفكر فيه، ويقول: ما لك لا تقوم؟

مالك لا تنبعث؟

هذه أعضاؤك كاملة!!

وجوارحك سالمة!!

ما شأنك؟

ما الذي كان يحملك؟

ما الذي صرعك؟

ما الذي عن الحركة منعك؟

ثم تركه وانصرف متعجباً من أمره، متفكراً في شأنه!!

[*] (قال ابن السماك: بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكته في البحر، فخرج فيها جمجمة إنسان، فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول:

عزيز فلم تترك لعزك!!

غني فلم تترك لغناك!!

فقير فلم تترك لفقرك!!

جواد فلم تترك لجودك!!

شديد لم تترك لشدتك!!

عالم فلم تترك لعلمك!!).

يردد هذا الكلام ويبكي.

(أخي الحبيب:

إذا مررت بالموتى فنادهم إن كنت مناديا , وادعهم إن كنت داعياً ومر بعسكرهم , وانظر

إلى تقارب منازلهم , سل غنيهم: ما بقي من غناه؟ وسل فقيرهم: ما بقي من فقره؟ واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون، وعن الأعين التي كانوا للذات بها ينظرون، وسلهم عن الجلود الرقيقة والوجوه الحسنة والأجساد الناعمة ما صنع بها الديدان تحت الأكفان، وأكلت اللحان وعفرت الوجوه، ومحت المحاسن، وكسرت الفقارة، وبانت الأعضاء، ومزقت الأشلاء، وأين حجابهم وقبابهم؟ وأين خدمهم وعبيدهم وجمعهم وكنوزهم [وكأنهم] ما وطئوا فراشاًولا وضعوا هنا متكأ، ولا غرسوا شجراً ولا أنزلوهم من اللحد قراراً، أليسوا في منازل الخلوات؟

<<  <  ج: ص:  >  >>