للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولقد ضم ضمة ثم روخي عنه) فالمؤمن أشرق نور الإيمان في صدره فباشر اللذات والشهوات وهي من الأرض والأرض مطيعة وخلق الآدمي من هذه الأرض وقد أخذ عليه العهد والميثاق في العبودية له فما نقص من وفاء العبودية صارت الأرض عليه واجدة فإذا وجدته في بطنها ضمته ضمة ثم تدركه الرحمة فترحب به وعلى قدر سرعة مجيء الرحمة يتخلص من الضمة فإن كان محسناً فإن رحمة اللّه قريب من المحسنين فإذا كانت الرحمة قريبة من المحسنين لم يكن الضم كثيراً وإذا كان خارجاً من حد المحسنين لبث حتى تدركه الرحمة ولا ينافيه اهتزاز العرض لموته لأن دون البعث زلازل وأهوال لا يسلم منها ولي ولا غيره {ثم ننجي الذين اتقوا} ولهذا قال عمر: لو كان لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به [ص ٣٣٣] من هول المطلع وفي الحديث إشارة إلى أن جميع ما يحصل للمؤمن من أنواع البلايا حتى في أول منازل الآخرة وهو القبر وعذابه وأهواله لما اقتضته الحكمة الإلهية من التطهيرات ورفع الدرجات ألا ترى أن البلاء يخمد النفس ويذلها ويدهشها عن طلب حظوظها ولو لم يكن في البلاء إلا وجود الذلة لكفى إذ مع الذلة تكون النصرة. (تنبيه) قد أفاد الخبر أن ضغطة القبر لا ينجو منها أحد صالح ولا غيره لكن خص منه الأنبياء كما ذكره المؤلف في الخصائص وفي تذكرة القرطبي يستثنى فاطمة بنت أسد ببركة النبي صلى اللّه عليه وسلم وفيها أيضاً ذكر بعضهم أن القبر الذي غرس عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم العسيب قبر سعد قال: وهذا باطل وإنما صح أن القبر ضغطه كما ذكر ثم فرج عنه قال: وكان سببه ما روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني أمية بن عبد اللّه أنه سأل بعض أهل سعة ما بلغكم في قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذا قالوا: ذكر لنا أنه سئل عنه فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول وذكر هناد بن السري حديثاً طويلاً عنه أنه ضم في القبر ضمة حتى صار مثل الشعرة فدعوت اللّه أن يرفعه عنه إنه كان لا يستبرئ في أسفاره من البول.

<<  <  ج: ص:  >  >>