للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِالإِنْفَاقِ عَلَى اليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ لِحِمَايَةِ المُجْتَمَعِ مِنْ دَاخِلِهِ، كَذلِكَ فَرَضَ اللهُ الجِهَادَ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَمُحَارَبَةِ أَعْدَاءِ الدِّينِ، لِيَكُفُّوا عَنْ الجَمَاعَةِ المُسْلِمَةِ شَرَّ أَعْدَائِها. وَالجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَة إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الأُمَّةِ سَقَطَ عَنِ البَاقِينَ، وَالجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ غَزا أَوْ قَعَدَ، فَالقَاعِدُ عَلَيهِ أَنْ يُعينَ إِذا اسْتَعَانَ بِهِ النَّاسُ، وَأَنْ يُغيثَ إِذَا اسْتَغَاثُوا بِهِ، وَأَنْ يَنْفِرَ إِذا اسُتُنْفِرَ.

وَيَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى: أَنَّ الجِهَادَ فِيهِ كُرْهٌ وَمَشَقَّةٌ عَلَى الأَنْفُسِ، مِنْ تَحَمُّلِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ، إِلَى مَخَاطِرِ الحُرُوبِ وَمَا فِيهَا مِنَ جَرْحٍ وَقَتْلٍ وَأَسْرٍ، وَتَرْكٍ لِلْعِيَالِ، وَتَرْكٍ لِلتِّجَارَةِ وَالصَّنْعَةِ وَالعَمَلِ. . إلخ، وَلكِنْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ الخَيْرُ لأَنَّهُ قَدْ يَعْقُبُهُ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ بِالأَعْدَاءِ، وَالاستِيلاءُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَبِلاَدِهِمْ. وَقَدْ يُحِبُّ المَرْءُ شَيئاً وَهُوَ شَرٌّ لَهُ، وَمِنْهُ القُعُودُ عَنِ الجِهَادِ، فَقَدْ يَعْقُبُهُ استِيلاءُ الأَعْدَاءِ عَلَى البِلادِ وَالحُكْمِ، وَاللهُ يَعْلَمُ عَوَاقِبَ الأُمُورِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْلَمُها العِبَادُ.

(٢) الصبر على النوائب, والرضا بقضاء الله:

قال تعالى: (أَمْ حَسِبتمْ أن تَدْخلُوا الجنَّة َوَلَمَّا يعلمِ اللهُ الذين جاهدوا منكم ويعلمَ الصابرين) {آل عمران:١٤٢}

وَلاَ تَحْسَبُوا أَنَّكُمْ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَكُمُ اللهُ تَعَالَى وَيُمَحِّصَكُمْ فِي الشَّدَائِدِ وَالجِهَادِ لِيَرَى صِدْقَ إيمَانِكُمْ، وَيَرَى مَنْ يَسْتَجِيبُ للهِ، وَيُخْلِصُ فِي طَاعَتِهِ، وَقِتَالِ أًَعْدَائِهِ، وَيَصْبِرُ عَلَى مَكَارِهِ الحُرُوبِ.

وقال تعالى: (أَمْ حَسبْتُمْ أن تَدْخُلوا الجنَّة َوَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْا من قبلِكم مَّسَّتْهُمُ البَأْساءُ والضراءُ وزُلْزِلُوا حتى يقولَ الرسولُ والذين آمنُوا مَعَهُ مَتَى نصرُ اللهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللهِ قريبٌ) {البقرة:٢١٤}

<<  <  ج: ص:  >  >>