للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها.

فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟

فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال:

من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر. وفي رواية: قدير.

(ثمن الجنة:

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح:

عرض الرب تعالى سلعته الجنة على عباده وثمنها الذي طلبه منهم وعقد التبايع الذي وقع بين المؤمنين وبين ربهم:

قال تعالى: (إِنّ اللّهَ اشْتَرَىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنّ لَهُمُ الّجَنّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىَ بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: ١١١]

«فجعل سبحانه ها هنا الجنة ثمنا لنفوس المؤمنين وأموالهم» بحيث إذا بذلوها فيه استحقوا الثمن وعقد معهم هذا العقد وأكده بأنواع من التأكيد:

أحدها: إخبارهم سبحانه وتعالى بصيغة الخبر المؤكد باداة أن.

الثاني: الأخبار بذلك بصيغة الماضي الذي قد وقع وثبت واستقر.

الثالث: إضافة هذا العقد إلى نفسه سبحانه وأنه هو الذي اشترى هذا المبيع.

الرابع: أنه أخبر بأنه وعد بتسليم هذا الثمن وعدا لا يخلفه ولا يتركه.

الخامس: أنه أتى بصيغة على التي للوجوب إعلاما لعباده بأن ذلك حق عليه أحقه هو على نفسه.

السادس: أنه أكد ذلك بكونه حقا عليه.

السابع: أنه أخبر عن محل هذا الوعد وأنه في أفضل كتبه المنزلة من السماء وهي التوراة والإنجيل والقرآن.

الثامن: إعلامه لعباده بصيغة استفهام الإنكار «وَمَنْ أَوْفَىَ بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ» وأنه لا أحد أوفى بعهده منه سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>