للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً* عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً)

{الإنسان:١٧ - ١٨}

وَيُسْقَى هُؤَلاَءِ الأَبْرَارُ فِي الجَنَّةِ كَأْساً مِنْ خَمْرِ الجَنَّةِ مُزِجَتْ بِالزَّنْجِبِيلِ (فَهُمْ يُمْزَجُ الشَّرَابُ لَهُمْ مَرَّةً بِالكَافُورِ وَمَرَّةً بِالزَّنْجَبِيلِ فَالكَافُورُ بَارِدٌ وَالزَّنْجَبِيلُ حَارٌّ).

وَيُسْقَونَ فِي الجَنَّةِ مِنْ عَيْنٍ غَايَةٍ فِي السَّلاَسَةِ وَالاسْتِسَاغَةِ.

أي أن أهل الجنة يُسقَوْن كأساً من خمر الجنة ممزوجة بالزنجبيل وكانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته.

وكلمة (سلسبيل) مأخوذة من السلاسة, والسلسبيل: هو الشراب اللذيذ (١).

ونجد مما سبق أن الله تعالى أخبر أن شراب أهل الجنة يمزج بشيئين: الكافور والزنجبيل, فيمزج بالكافور لأنه يمتاز بالبرد وطيب الرائحة, ثم بالزنجبيل لأنه يمتاز بالحرارة وطي

وقال تعالى: (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) {الإنسان:٢١}

، وَيَسْقِيِهِمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً يُطَهِّرُ بَاطِنَ شَارِبِهِ مِنَ الحَسَدِ، وَالحِقْدِ، وَالغِلِّ، وَرَدِيءِ الأَخْلاَقِ، فوصف الشراب بأنه طهور وليس بنجس كخمر الدنيا. ب الرائحة, مما يحدث بذلك أكمل اللذة وأطيبها (٢).

[*] (أورد ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَكَأْسٍ مّن مّعِينٍ) [الواقعة: ١٨] يقول الخمر، (لاَ فِيهَا غَوْلٌ) [الصافات: ٤٧] يقول ليس فيها صداع وفي قوله تعالى ^ (وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) [الصافات: ٤٧] يقول لا تذهب عقولهم، وقوله تعالى: (وَكَأْساً دِهَاقاً) [النبأ: ٣٤] يقول ممتلئة، وقوله تعالى: (يُسْقَوْنَ مِن رّحِيقٍ مّخْتُومٍ) [المطففين: ٢٥]

يقول الخمر ختم بالمسك، وقال علقمة عن أبن مسعود (خِتَامُهُ مِسْكٌ) [المطففين: ٢٦] قال خلطه وليس بخاتم ثم يختم، والمراد والله أعلم أن أخره مسك يخالطه فهو من الخاتمة ليس من الخاتم.

وقال تعالى: (إِنّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّهِ يُفَجّرُونَهَا تَفْجِيراً) [الإنسان: ٦]


(١) - نفس المصدر (١٩/ ١٠٧)
(٢) - حادي الأرواح لابن القيم (١٧٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>