للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمل ما دلت عليه لفظة عاليهم من كون ذلك اللباس ظاهرا بارزا يجمل ظواهرهم ليس بمنزلة الشعار الباطن بل الذي يلبس فوق الثياب للزينة والجمال.

وتأمل كيف جمع لهم بين نوعي الزينة الظاهرة من اللباس والحلي كما جمع لهم بين الظاهرة والباطنة فحمل البواطن بالشراب الطهور والسواعد بالأساور والأبدان بثياب الحرير وقال تعالى: (إِنّ اللّهَ يُدْخِلُ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) [الحج: ٢٣]

واختلفوا في جر لؤلؤ ونصبه فمن نصبه ففيه وجهان أحدهما أنه عطف على موضع قوله من أساور والثاني أنه منصوب بفعل محذوف دل عليه الأول أي ويحلون لؤلؤا ومن جره فهو عطف على الذهب ثم يحتمل أمرين أحدهما أن يكون لهم أساور من ذهب وأساور من لؤلؤ ويحتمل أن تكون الأساور مركبة من الأمرين معا الذهب المرصع باللؤلؤ والله أعلم بما أراد.

(حديث البراء ابن عازب رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: أهديت لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويعجبون من لينها فقال أتعجبون من لين هذه لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين.

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح:

ولا يخفى ما في ذكر سعد بن معاذ بخصوصه ههنا فإنه كان في الأنصار بمنزلة الصديق في المهاجرين واهتز لموته العرش وكان لا يأخذه في الله لومة لائم وختم الله له بالشهادة وآثر رضا الله ورسوله على رضا قومه وعشيرته وخلفائه ووافق حكمه الذي حكم به حكم الله فوق سبع سموات ونعاه جبريل إلى النبي يوم موته فحق له أن تكون مناديله التي يمسح بها يديه في الجنة أحسن من حلل الملوك.

{تنبيه}: (الجنة ليس فيها أدنى وَسَخ ولا أدنى نفاية, فهي الطهر المطلق, فلا حاجة لأهل الجنة للاغتسال ولا تبديل الملابس, إنهم يكرّمون بما يلبسون, ويمتّعون بنعومة والتذاذ الجسم به, وبحسن المنظر والتذاذ العين به, وحرير الجنة فى نهاية الصفات الممتعة, لينا ونعومة وحسن منظر ورائحة وألوان, لا تْبلى الثياب ولا تتّسخ, كسائر نعيم الجنة لا ينقطع ولا يمتنع.

(ومن خصائص ثياب أهل الجنة أنها لا تتقطع:

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد. (

<<  <  ج: ص:  >  >>